إعجال فإن طول أحدهما بعد أن تقدم رمي صاحبه على الاقتصاد ليبرد يد صاحبه في السهم الذي رمي به، فنسي صنيعه إن أصاب، فلا يسن بصوابه، أو أخطأ فلا يزول عن سنته في خطئه، فإن أمسك صاحبه عن الاستعتاب ترك هذا المتباطئ على حاله، وإن استعتب وشكا قيل للمتباطئ: ليس لك أن بضر بصاحبك في الإبطاء كما ليس لصاحبك أن يضربك في الإعجال واعدل إلى القصد في تثبتك غير متباطئ ولا معجل، فإن قال: هذه عادتي لا أقدر على فراقها، نظر، فإن كان ذلك معروفاً منه قيل لصاحبه: لا سبيل إلى هذا من تكليفه غير عادته، وهو عيب أنت لأجله بالخيار بين مناضلته أو فسخه، وإن كان معروفاً بخلاف ما ادعاه لم تقبل دعواه وأخذ بالاعتدال في قصده جبراً ما أقام على عقده.
وفي قول الشافعي: ويستعيب من طريق الخطأ تأويلان:
أحدهما: ومعناه إن إطالة إرساله خطأ منه، فيعاتب عليه.
والثاني: أن خطأ صاحبه فهو لإطالة إرساله، فيعاتب عليه، وإن كان خطؤه محسوباً عليه، كما أن صوابه محسوباً له، وبالله التوفيق.
مسألة:
قال الشافعي:"ولو كان الرامي يطيل الكلام والحبس قيل له لا تُطل ولا تعجل عما يفهم".
قال في الحاوي: أما المرمى، فهو المرتهن بين المتناضلين ويسمى المشير، والموطن لا يثير على كل واحد منهما بمقصوده، ويخرج سهمه، وبموطن موقفه، ويرد عليه سهمه بعد رميه، ويخبر بصوابه أو خطئه، وعلى هذا أن يعدل بين المتناضلين ولا يميل إلى أحدهما، فيجوز، ولا يمدح أحدهما ويذم الآخر، وليكن إما مادحاً لهما أو ساكتاً عنهما، وليعجل رد سهم كل واحد منهما عليه، ولا يحسبه عنه، فينسى حسن صنيعه، فإن خالف الميل، على أحدهما، منع لإضراره به، وإن ساوى بينهما في إكثار الكلام، وإطالته، وحبس السهم في إعادته صار مضراً بهما، وتوجه المنع إليه في حقهما بعد أن كان في حق أحدهما، وأمر بإقلال الكلام، وتعجيل السهام؟ لأن كثرة كلامه مدهش، وحبسه للسهام ينسى حسن صنيعها فإن كف وإلا استبدل به غيره ممن يتراضيا به المتناضلان، فإن اختلفا اختار الحاكم لهما مؤتمناً، وهكذا لو كان الكلام من أحد المتناضلين مدحاً لنفسه بالإصابة، وذماً لصاحبه بالخطأ كف ومنع، فإن أقام عليه، ولم يقلع عنه عزر، ولم يستبدل به لتعيينه في العقد الذي لا يقوم غيره فيه مقامه.
مسألة:
قال الشافعي: "وللمبدئ أن يقف في أي مقام شاء ثم للآخر من الغرض الآخر