أحدها: أن يشترطا فيه ما يمكن، وهو أن يجعلا في كل يوم رمي أرشاق معلومة يتسع اليوم لرميها من غير إرهاق، فهذا جائز، ويختص كل يوم رمي ما سمي فيه، ولا يلزم الزيادة عليه، ولا النقصان منه، وليس هذا بتأجيل يخرج على الوجهين، وإنما هو تقدير الرمي في زمانه، فصح وجها واحداً.
والثاني: أن يشترطا ما يمتنع، وهو رمي جميع الأرشاق في يوم واحد، وهو يضيق عن جميعها فهذا باطل، لامتناعه، ويكون العقد به باطلاً.
والثالث: أن يكون العقد مطلقاً لا يشترطا فيه تقدير الرمي، فيلزم أن يرميا في كل يوم ما اتسع له بحسب طول النهار وقصره، ولا يلزم الرمي في الليل لخروجه عن معهود العمل إلى الاستراحة، ولا يلزم الارتفاق في رمي النهار ويكون ابتداؤه بعد طلوع الشمس وانتهاؤه قبل غروبها، ويمسكان عنه في أوقات الأكل والشرب والطهارة والصلاة وأوقات الاستراحة المعهودة.
وعادة الرماة تختلف في مواصلة الرمي، لأن فيهم من تكثر إصابته إذا وصل لقوة بدنه وشدة ساعده، ومنهم من تقل إصابته إذا وصل لضعف بدنه، ولين ساعده فإذا عدل بهما عن المواصلة والفتور إلى حال معتدلة اعتدل رميهما وتكافأ فإن عرض ما يمنع من الرمي إما في الزمان من مطر أو ريح أو في أبدانهما من مرض أو علة أحر.
مسألة:
قال الشافعي:"ومن اعتلت أداته أبدل مكان قوسه ونبله ووتره "
قال في الحاوي: أما قوله: "اعتلت أداته" فهي كلمة مستعارة يستعملها الرماة عند فساد آلتهم، مأخوذ من علة المريض، فإذا انكسر قوسه، أو لان وانقطع وتره، أو استرخى واندق سهمه أو اعوج كان له أن يبدله بغيره صحيحاً، لما ذكرنا من حكم الآلة أنها تبع لا تتعين في العقد، وإنما يتعين فيه الراميان فلم يجز إبدال الرامي بغيره إذا اعتل وجاز إبدال الآلة بغيرها إذا اعتلت، وإن أراد إبدالها من غير أن تعتل جاز لكن يجوز تأخير الرمي لإبدالها إذا اعتلت، ولا يجوز تأخيره لإبدالها إذا لم تعتل.
مسألة:
قال الشافعي:"وأن طول أحدهما بالإرسال التماس أن تبرد يد الرامي أو ينسى حُسن صنيعه في السهم الذي رماه فأصاب أو أخطأ فليستعتب من طريق الخطأ فقال: لم أنو هذا لم يكن ذلك له وقيل له ارم كما ترمي الناس لا معجلاً عن التثبت في مقامك ونزعك وإرسالك ولا مبطئاً لإدخال الضرر بالحبس على صاحبك".
قال في الحاوي: ينبغي أن يكون الراميان على اقتصاد في التثبت من غير إبطاء، ولا