هل يحتاج فيه إلى فسخ العقد، واستئناف غيره، أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: يصح بغير فسخ، إلحاقاً بمحل الغرض.
والثاني: لا يصح إلا بعد الفسخ إلحاقاً بمحل الإصابة من الغرض، فإن اعتبر فيه الفسخ، استأنفا الرمي، وان لم يعتبر فيه الفسح بنيا على الرمي المتقدم، ويكون معنى قول الشافعي: "ومن أجاز هذا إجازة في الرقعة " أي من أجاز الزيادة في المسافة فأولى أن يجيز تغيير الغرض؛ لأن حكم المسافة أغلظ والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "ولا بأس أن يشترطا أن يرميا أرشاقاً معلومة كل يؤم من أوله إلى آخره فلا يفترقا حتى يفرغا منها إلا من عذر مرض أو عاصف من الريح ".
قال في الحاوي: لا يخلو حال الرمي من حالين:
أحدهما: أن يكون معقوداً على رشق واحد يمكن رمي جميعه في يوم واحد فهذا يجب أن يوالي رمي جميعه، ولا يفرق، ولهما فيه ثلاثة أحوال:
أحدهما: أن يعقداه معجلاً، فيلزم رمى جميعه في يوم عقده، ولا يجوز لأحدهما تأخيره، إلا من عذر يمنع من الرمي من مرض بالرامي أو مطر أو ريح يفسد آلة الرمي فإن أخراه عن يومهم عن تراض، فهو إنظار لا يفسد به العقد على القولين معاً.
والثاني: أن يعقداه مؤجلاً في يوم مسمى جعلاه وقتاً للرمي، ففي العقد وجهان:
أحدهما: باطل؛ لأنه عقد على عين شرط فيه تأخير القبض.
والثاني: صحيح؛ لأمرين:
أحدهما: لأن العمل فيه مضمون في الذمة.
والثاني: أن عقده أوسع حكماً مما عداه، فعلى هذا يكون الأصل هو المستحق فيه الرمي، لا يقدم قبله، ولا يؤخر بعده، فإن أراد أحدهما تقديمه أو تأخيره، وامتنع منه صاحبه، كان محمولاً على القولين، وإن اتفقا على تقديمه أو تأخيره من غير فسخ جاز على القولين معاً، ولو بدر أحدهما، فرمى قبل حلول الأجل لم يحتسب له بصوابه، ولم يحتسب عليه بخطئه لأنه رمي لم يقتضيه العقد.
والثالث: أن يعقداه مطلقاً لا يشترطا فيه حلولاً ولا تأجيلاً، فيقتضي إطلاقه الحلول، لأن الأجل في العقد لا يثبت إلا بشرطه.
فصل:
والحال الثانية من الأصل: أن يكون النضال معقوداً على أرشاق كثيرة لا يمكن رمي جميعها في يوم واحد لعقده على مائة رشق، فهذا على ثلاثة أقسام: