للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] أي والله لفسدتا.

وقوله الشاعر:

وَكُلُّ أَخٍ مُفَارِقُة أخوهْ لعَمْرُ أبِيكَ إلاَّ الفَرْقَدْانِ

أي والفرقدان أيضاً سيفترقان، ولو أراد الاستثناء لقال: إلا الفرقدين.

والثالث: أن معنى إلا، في هذا الموضع معنى الاستثناء، غير أنه من مضمر دل عليه مظهر، ليصح أن يكون استثناء من جنسه، فيكون تقدير الكلام: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ولا بالتجارة، إلا أن تكون عن تراض منكم، وهذا قول من منع الاستثناء من غير جنسه، وجعلوا ذلك كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ١] وإنما معناه: أحلت لكم بهيمة الأنعام والصيد إلا أن تكونوا محرمين، فيحرم عليكم الصيد.

والرابع: أن ذلك استثناء من غير جنسه، والدليل على جواز الاستثناء من غير جنسه. وهو أشبه بمذهب الشافعي ـ قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً} [مريم: ٦٢] وليس السلام من جنس اللغو.

وقال تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ} [الحر: ٣٠] وليس إبليس من الملائكة. وقال تعالى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٧] وتعالى الله أن يكون من جنس من استثنى منه.

وقال الشاعر:

وَبَلْدةٍ ليْسَ بِهَا أنيسُ إلَّا الَيًعافِيرُ وإِلَّا العِيسُ

والأنيس: الناس: واليعافير: حمير الوحش، وقيل: الظباء، واحدها يعفور مقلوب أعفر. والعيس: الإبل. واستثنى الحمير والإبل من جملة الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>