أي والفرقدان أيضاً سيفترقان، ولو أراد الاستثناء لقال: إلا الفرقدين.
والثالث: أن معنى إلا، في هذا الموضع معنى الاستثناء، غير أنه من مضمر دل عليه مظهر، ليصح أن يكون استثناء من جنسه، فيكون تقدير الكلام: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ولا بالتجارة، إلا أن تكون عن تراض منكم، وهذا قول من منع الاستثناء من غير جنسه، وجعلوا ذلك كقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ}[المائدة: ١] وإنما معناه: أحلت لكم بهيمة الأنعام والصيد إلا أن تكونوا محرمين، فيحرم عليكم الصيد.
والرابع: أن ذلك استثناء من غير جنسه، والدليل على جواز الاستثناء من غير جنسه. وهو أشبه بمذهب الشافعي ـ قوله تعالى:{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً}[مريم: ٦٢] وليس السلام من جنس اللغو.
وقال تعالى:{فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ}[الحر: ٣٠] وليس إبليس من الملائكة. وقال تعالى:{فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء: ٧٧] وتعالى الله أن يكون من جنس من استثنى منه.