للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

والقول الثالث: أنه داخل فيهما جميعاً، فيكون عموماً دخله الخصوص، ومجملاً لحقه التفسير، لقيام الدلالة عليهما.

فاختلف أصحابنا في وجه دخول ذلك فيهما على ثلاثة أوجه:.أحدها: أن العموم في اللفظ والإجمال في المعنى. فيكون اللفظ عموماً دخله الخصوص، والمعنى مجملاً لحقه التفسير.

الثاني: أن العموم في أول الآية، وهو قوله تعالى: {أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} والإجمال في آخرها، وهو قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} فيكون أول الآية عاماً دخله التخصيص، وآخرها مجملاً لحقه التفسير.

الثالث: أن اللفظ كان مجملاً، فلما بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - صار عاماً. فيكون داخلاً في المجمل قبل البيان، وفي العموم بعد البيان. فعلى هذا الوجه يجوز الاستدلال بظاهرها في البيوع المختلف فيها كالقول الأول. وعلى الوجهين الأولين: لا يجوز الاستدلال بظاهرها في البيوع المختلف فيها كالقول الثاني.

فصل

والقول الرابع: أنها تناولت بيعاً معهوداً، ونزلت بعد أن أحل النبي - صلى الله عليه وسلم - بيوعاً وحرم بيوعاً، وكان قوله: {أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} يعني: الذي بينه الرسول من قبل، وعرفه المسلمون منه، فترتب الكتاب على السنة وتناولت الآية بيعاً معهوداً.

وإنما كان كذلك، لأن الله تعالى قال: {أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} فأدخل فيه الألف واللام، وذلك يدخل في الكلام لأحد أمرين. إما لجنس، أو معهود. فلما لم يكن الجنس مراداً، لخروج بعضه منه، ثبت أن المعهود مراد. فعلى هذا، لا يجوز الاستدلال بظاهرها على صحة بيع ولا فساده، بل يرجع في حكم ما اختلف فيه إلى الاستدلال بما تقدمها من السنة التي عرف بها البيوع الصحيحة من الفاسدة. وإذا كان كذلك صار الفرق بينه وبين المجمل من وجه واحد. وبينه وبين العموم من وجهين.

فأما الوجه الذي يقع به الفرق بينه وبين المجمل:

فهو أن بيان النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما نهى عنه من البيوع وأمر به سابق للآية. وبيان المجمل مقترن باللفظ، أو متأخر عنه على مذهب من يجوز تأخير البيان فافترقا من هذا الوجه.

أما الوجهان اللذان يقع بهما الفرق بينه وبين العموم:

فأحدهما: ما مضى من تقديم البيان في المعهود، واقتران بيان التخصيص بالعموم.

والثاني: جواز الاستدلال بظاهر العموم فيما اختلف فيه من البيوع، وفساد الاستدلال بظاهر المعهود فيما اختلف فيه من البيوع.

فصل:

فإذا تقرر إحلال البيوع في الجملة. فحقيقة البيع في اللسان: تبدل شيء بشيء.

وحقيقته في الشرع: نقل ملك بعوض على الوجه المأذون فيه. وإنما قلنا: نقل ملك، احترازاً مما لا يملك، وممن لا يملك. وقلنا: بعوض احترازاً من الهبات،

<<  <  ج: ص:  >  >>