للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لموجب البيع ويثبت بالعقد الذي يجتمعان عليه، وعتق المشتري إذا انفرد به جرى مجرى الإتلاف. فأما إن أراد المشتري فسخ البيع في مدة الخيار:

فإن كان الخيار لهما جميعاً، جاز للمشتري فسخ البيع على الأقاويل كلها، لما ذكرنا من التعليل، وهو أنه يعتق حكماً بالعقد الذي يجتمعان عليه.

وإن كان الخيار للمشتري وحده، جاز أن يفسخ إذا قيل: إنه لا يملك إلا بالعقد والافتراق، أو إنه مراعى، لأنه يفسخ قبل تمام ملكه. فأما إذا قيل: إنه قد يملك بمجرد العقد، فعلى وجهين:

أحدهما: له الفسخ، ولا يعتق عليه ما لم يمض زمان خياره؛ لأن خيار الفسخ من موجبات العقد، فلم يجز أن يثبت العقد مع انتفاء موجبه.

الثاني: وهو الصحيح: ليس له أن يفسخ، وقد عتق عليه وسقط حكم خياره، لأن الخيار موضوع لطلب الحظ، وتوفير الربح فيما وقع عليه العقد، وهذا المعنى مفقود فيمن يعتق بالملك، فلم يكن لثبوت الخيار في ابتياعه وجه.

مسألة: قال الشافعي رحمه الله تعالى: "ولو عجل المشتري فوطئها فأحبلها قبل التفرق في غفلة من البائع، واختار البائع فسخ البيع، كان على المشتري مهر مثلها، وقيمة ولده منها يوم تلده، ولحقه بالشبهة".

قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا وطئ المشتري الجارية المبيعة في مدة الخيار، فعلى ضربين:

أحدهما: أن يكون وطؤه فيما دون الفرج، فلا مهر فيه سواء تم البيع أو انفسخ. وهل يوجب ذلك تحريم المصاهرة أم لا؟ على قولين:

والثاني: أن يطأ في الفرج، فهذا على ضربين:

أحدهما: أن تحبل بوطئه.

والثاني: أن لا تحبل.

فإن لم تحبل بوطئه، فلا حد عليه فيه على الأقاويل كلها، لشبهة الملك.

فأما المهر، فمعتبر بتمام البيع وفسخه: فإن تم البيع بينهما، فلا مهر عليه إن قيل: إنه قد ملك بنفس العقد، أو قيل: إنه مراعى، لأن وطأه: صادف ملكه. وإن قيل: إنه لا يملك إلا بالعقد والافتراق، ففي وجوب المهر عليه وجهان مبنيان على اختلاف الوجهين في خيار المجلس والشرط، هل يجري مجرى خيار العيب أو مجرى خيار البذل والقبول؟

أحدهما: أنه يجري مجرى خيار العيب فعلى هذا لا مهر عليه.

والثاني: أنه يجري مجرى خيار البذل والقبول، فعلى هذا عليه المهر.

وإن انفسخ البيع بينهما، فعليه المهر إن قيل: لا يملك إلا بالعقد والافتراق، أو قيل: إنه مراعى.

فأما إن قيل: إنه قد ملك بنفس العقد، ففي وجوب المهر عليه وجهان على ما مضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>