لو وجد ما لا يكفيه لوضوءه, هل يلزمه استعماله؟ فيه قولان, ولا تلزمه إعادة الصلاة إذا أمتثل المأمور به على القولين.
مسألة: قال: ((ولا يتيمم صحيح في مصرٍ لمكتوبةٍ ولا لجنازةٍ)).
وهذا كما قال لا يجوز للصحيح المقيم أن يتيمم مع وجود الماء بخوف فوت صلاة, سواء كانت صلاة بجنازة أو صلاة العيدين أو غيرها. وبه قال مالك, واحمد, وأبو ثور, وقال الشعبي, وابن جرير, وداود: و ((لا تفتقر صلاة الجنازة إلى الطهارة أصلاً لأنها دعاء للميت, وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم)) , وهذا غلط لقوله تعالى: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] الآية, وهي صلاة بدليل قوله تعالى: {ولا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٤] ولأنها عبادة تفتح بالتكبير يلزم فيها استقبال القبلة تفتقر إلى الطهارة كسائر الصلوات.
قال أبو حنيفة, والثوري, والأوزاعي, والليث: إنه يجوز التيمم لها مع وجود الماء إذا خاف فوتها, واحتج الشافعي عليه بأنه لو جاز ذلك لجاز لفوت صلاة الجمعة؛ لأنها أكد, فإذا لم يجز التيمم عند وجود [١٧٩ ب/ ١] الماء لخوف فوت الأوكد, فلان لا يجوز لخوف فوت الضعف أولى, فإن قيل: الجمعة لا تفوت إلا بدل وهو الظهر, فإن الظهر بدل عنها, وصلاة الجنازة تفوت لا بدل. قيل: لا يسلم؛ لأن عندنا يصلي على القبر فلا يفوت, ثم أبدى الشافعي الحجة بما روى, عن ابن عمر- رضي الله عنه- أنه كان لا يصلي على جنازة إلا متوضئاً. وهذا ليس بإخبار عن ابن عمر, ولكنه إشارة إلى الخبر
الذي رويناه في تفريق الوضوء, وهو أنه أتى المصلى والجنازة موضوعة فدعا بماء ومسح على خفية, ثم صلى, فلو جاز أداء هذه الصلاة بالتيمم مع وجود الماء كان الأشبه أن لا يؤخر ابن عمر الصلاة, إلا أن يؤتى بماء بعد نهي عن تأخير الصلاة عليها بعد ما وضعت, وإنما خص ابن عمر بالرواية عنه لهذا المعنى أيضًا.
وقد روى عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يصلى على الجنازة إلا بوضوء)).
مسألة: قال: ((فإن كان معه في السفر من الماء ما لا يغسله للجنابة غسل أي بدنه شاء)).
الفصل
وهذا كما قال, إذا كان في السفر فأجنب ووجد من الماء ما يكفيه لغسل بعض بدنه, أو أحدث ووجد من الماء ما يكفيه لبعض أعضاء وضوءه, ففيه قولان: أحدها: