للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٧٩) أ/ ١] أنه يلزمه استعمال الماء وهو الصحيح, وبه قال عطاء, ومالك, والحسن بن صالح بن حي, ويعمر بن راشد, وهذا لأنه شرط من شرائط الصلاة, فإذا قدر بعضه يلزمه إتيانه كستر العورة وإزالة النجاسة.

والثاني: يستحب له استعماله ولا يجب, بل يقتصر على التيمم نص عليه في ((الإملاء)) والقديم. وبه قال أبو حنيفة والثوري, والأوزاعي, وداود, والمزني وروي ذلك عن الزهري. وحكي عن أحمد أنه قال: الجنب يستعمل الماء ويتيمم, والمحدث يتيمم فقط, ومن أصحاب أحمد من يقول المحدث كالجنب أيضا. وروى عن الحسن أنه قال: إذا كان معه من الماء ما يغسل به وجهه ويديه غسلهما ولا يتيمم؛ لأنه قادر على غسل محل التيمم.

وروى مثله عن عطاء, وزاد عليه فقال: إذا وجد من الماء ما يغسل به غسله, ومسح كفيه بالتراب, واحتج المزني على اختياره بان كل أصل له بدل وجود بعضه كلا وجود لوجود بغض الرقبة في الكفارة كلا وجود, والجواب عن هذا نص الكتاب فرق بينهما, قال الله تعالى في الكفارة {َمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ} [النساء: ٩٢] يعني من لم يجد رقبة وبغض الرقبة لا يسمى رقبة, وها هنا قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣]

وبعض الماء يسمى ماء فلا يجوز له التيمم مع وجوده, وأيضا إعتاق نصف الرقبة بعد صوم [١٨٠/ ١] شهرين لا يفيد, لا في هذه الكفارة ولا في غيرها, وههنا يفيد ما يستعمل من الماء؛ لأنه إذا وجد ماء آخر فإنه يتيمم به وضوءه ويستبيح به, وبما تقدم الصلاة المستقبلة, فلهذا فرقنا بينهما, ولا يصح ما قاله الحسن لأن غسل الوجه واليدين بعض الطهارة, وبعض الطهارة لا ينوب مناب جميعها.

فإذا تقرر هذا, فإن قلنا: يستحب استعماله, فإن كان جنبًا غسل رأسه وتيمم, وإن كان محدثا غسل وجهه وتيمم, وإن قلنا: يلزمه استعماله, فإن كان جنباً غسل أي موضوع شاء من يديه ثم تيمم؛ لأنه لا ترتيب فيه, ولكن قال بعض أصحابنا: يستحب أن يبدأ بأعاليه من رأسه وما يليه, وإن كان محدثا يلزمه الترتيب, فيغسل وجهه ثم يديه حتى يفنى الماء الذي معه, وقبل استعمال هذا لا يجوز له التيمم, نص عليه في ((الأم)).

ومن أصحابنا من قال: أصل القولين في هذه المسألة تفريق الوضوء, فإن جوزنا تفريق الوضوء يلزمه استعماله؛ لأنه يرجو وجود ما بعد ذلك فيغسل باقي بعض أعضائه, فإن لم يجوز التفريق لا يلزمه استعماله, ومن أصحابنا من قال: هما قولان بأنفسهما وهو الأصح؛ لأن تفريق الوضوء بالعذر يجوز قولاً واحداً, وههنا هو معذور فيجب أن يلزمه استعماله قولاً واحداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>