للمشتري: أتسمح بتسليم الخارجة للبائع؟ فلو كان المبيع هو الثمرة الخارجة لم يصح أن يقال: أترضى بتسليم الخارجة للبائع؟ لإنهاء كل المبيع فثبت نص الشافعي على قولين في هذه المسألة، والدليل على هذا أن من اشترى شجرًة فالمقصود ثمرتها ولا فرق بين أن يختلط المبيع بغير المبيع أو المقصود بالبيع بغيره أو نقول: الحادثة هاهنا من توابع المبيع ولا فرق بين اختلاط البائع بالبيع وبين اختلاط نفس المبيع لأن تسليمهما واجب بحق العقد وبهذا فارق إذا باع دارًا فيها طعام فاختلط ذلك الطعام بطعام المشتري لأن ذلك ليس بتابع للبيع ولا مقصودًا بالعقد بخلاف هذا.
وأما تأويل ابن خيران فغلط لأن هناك وإن اختلط المبيع بغير المبيع إلا أن كله للمشتري واختلط ملكه بملكه فلا يؤثر [٧٣/ ب] في المبيع أصلًا فإذا قلنا: البيع باطل فلا كلام، وإذا قلنا صحيح يدعى كل واحٍد منهما إلى ترك حقه من الثمرة إلى صاحبه فإن فعل أحدهما ذلك جاز البيع وإلا فسخ العقد على ما نص في (الأم).
وحكي عن ابن خيران: أنه إذا لم يسمح واحد منهما فالقول قول من في يده في القدر الذي يستحقه صاحبه منها ولو علما جميعًا أن البائع لا يمكنه قطع ثماره حتى تخرج ثمار المشتري فتختلط بملك البائع كان البيع من الأصل باطلًا، لأنهما تعاقداه مع تبين العجز عن التسليم إلا مع الخصومة الواقعة بينهما، ولو شرط أن يقطع ثمره في الحال قبل أن يخرج الجديد للمشتري يصح البيع.
وقال الربيع: فيه قول آخر: لا يبطل البيع في هذه الصورة ولكن يقال عند حدوث الزيادة للمشتري وللبائع: أتسمح بترك حقك؟ على ما ذكرنا وهذا خلاف النص. والربيع أخذ هذا من أحد القولين فيه إذا باع قرطًا جزه فلم يجزه المشتري حتى زادت فيه قولان وغلط في هذا لأن القرط يباع بشرط القطع والقدر الذي تناوله العقد يمكن [٧٤/ أ] تسليمه في الحال معلومًا معينًا وإنما يخاف التعذر بما سيكون وربما لا يكون وهاهنا وقع العقد على الشجرة والثمرة موجودة يقتضي تبقيتها للبائع إلى وقت الجذاذ فإذا علم اختلاطها بغيرها حالة العقد فقد عقد مع يقين العجز عن التسليم بالاختلاط فيبطل العقد ووزانه من تلك المسألة: أن لو باع بشرط أن يقطع البائع ثمرتها في الحال فلا يبطل البيع على ما ذكرنا.
فإذا تقرر هذا ففيما نقل المزني إشكال وذلك أنه حكي هذه المسألة تم عطف عليها وهكذا قال في بيع الباذنجان في شجرة والخربز وهذه الصورة بخلاف الصورة الأولى فكيف يحسن عطفها عليها، لأن المبيع في الصورة الشجرة فلا يكون اختلاط المبيع بغير المبيع، وفي الثانية: اختلط المبيع بغير المبيع وإزالة هذا الإشكال أن يقال: إنما استجاز العطف هكذا لمشابهتهما في المعنى وذلك أن البائع إذا باع الشجرة واستبقى الثمرة وحدثت ثمرة أخرى للمشتري فقد اختلط حق المبيع بحق غير المبيع وإن لم يختلط العين بالعين وذلك [٧٤/ ب] الحق حق السقي، لأن سقي الثمرة القديم على البائع وسقي الحادثة على المشتري وربما يتنازعان في ثمن الماء، فصار هذا كاختلاط المبيع بغير المبيع.
وإذا تقرر هذا فّرع المزني على هذه المسألة فرعين أحدهما قال: وهكذا إذا باع قرطًا