للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزه فلم يقطع حتى طال القرط، والقرط هو: الرطبة قرط وقضب وقت. وقال الأزهري: القرط هو هذا القت الذي يسميه أهل هراة الغورية وهو لا يستخلف إذا جز كما يستخلف القت الصغار للورق، وجز القت حصده، فإذا قال: بعتك هذا القرط لم يجز إلا بشرط القطع فإن توانى المشتري ولم يقطع حتى طالت وغلظت لم يجبر البائع على التسليم ولكن هل يبطل العقد؟ فيه طريقان: أحدهما: لا يبطل البيع قولًا واحدًا ولكن يقال للبائع: أتسمح؟ فإن سمح وإلا فسخ العقد لأن هذه زيادة غير متميزة كِسَمن العبد وكبره، ويفارق الثمرة، لأنها أعيان متميزة اختلطت بغيرها فكان حكمها أغلظ، والثاني: وهو الصحيح. المسألة على قولين لأنه اختلط بالمبيع غيره وهذه الزيادة تجري [٧٤ ب/ ٦] مجرى الزيادة المتميزة بدليل أنه لا يجبر البائع على تسليمها وِسَمن العبد وِكَبره ٠ يكون للمشتري لا حق للبائع فيه، ولأن السَمن في الصورة لا يتميز وهاهنا زيادة الخلقة والورق والأغصان في الصورة يتميز فإن قيل: أليس لو اشترى طلعًا فزاد كان للمشتري فقولوا في زيادة القرط مثله؟ قيل: الفرق أن تلك الزيادة تحدث من نماء الطلع الذي هو ملكه فكانت له وهاهنا الزيادة تحدث من الأصول التي هي ملك البائع فكانت له.

والفرع الثاني قال: وهكذا لو باع حنطة فانثالت عليها حنطة أخرى فإن كان قبل القبض فيه قولان أيضًا بلا خلاف بين أصحابنا كمسألة الثمرة. ونص في (الأم) و (الإملاء): أنه يبطل. فإذا قلنا لا يبطل فإن سلم الكل إلى المشتري فلا خيار له، وهل يجبر على قبوله؟ وجهان، وإن امتنع البائع من بذله فله الخيار. وإن كان بعد القبض فالعقد صحيح قولًا واحدًا، فإن كان في يد البائع بأن يكون قبضها من البائع ثم أودعها عنده فالقول قول البائع في مقدار طعام المشتري لثبوت يده عليه، وإن كان في يد المشتري [٧٥ أ/ ٦] فالقول قول المشتري في مقداره لثبوت يده عليه وهذا لأن القبض إذا حصل فقد استقر العقد فلا يضر الاختلاط بعده، وهكذا في مسألة الثمرة لو جذ المشتري الثمرة وردها إلى الجرين بثمرة البائع لا يبطل البيع قولًا واحدًا لأنه استقر البيع بالتسليم بدليل أنه لا ينفسخ البيع في تلك الحالة بالتلف وليس كذلك ما دامت على الشجرة لأن التسلم غير تام فيها، ألا ترى أنه لو عطشت الثمرة كان على البائع سقيها؟.

فإذا تقرر هذا اختار المزني في مسألة الثمرة أن يفرق بين ما قبل القبض وبعده كما في مسألة الحنطة، إذا انثالت عليها حنطة أخرى، وهو قول أبي حنيفة أيضًا، فقال: إن كان قبل القبض بطل، وإن كان بعد القبض لا يبطل ويقتسمانه، فإن اختلفا في قدر حق كل واحٍد منهما فالقول قول من في يده. قلنا: الفرق أن الحنطة إذا قبضت انقطعت العلقة بينه وبين البائع وتم القبض واستقر. وفي الثمرة لا يتم القبض بالتخلية، لأن على البائع إكمال الإقباض على ما ذكرنا من سقي الشجرة حتى تجد الثمرة [٧٦/ أ] ولو لحقها عطش كان للمشتري الخيار، فكان الاختلاط بعد القبض وقبله سواء هناك.

ومن أصحابنا من قال في مسألة الحنطة قبل القبض: بطل البيع قولًا واحدًا لأن الشافعي جعلها دليل أحد القولين في اختلاط الثمار وهذا أصح.

فرع

لو باع شاًة فاختلطت بقطيع لا يتميز، المذهب أنه يبطل البيع ويفارق الحنطة، لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>