هناك الإساغة لا تمنع البيع وهاهنا الاشتباه مانع من العقد حتى لو قال: بعتك شاًة من هذا القطيع لا يجوز، وقيل: لا يبطل لأنه يمكنه التسليم بأن يقبض الكل وتقرر الحكم في المبيع، ويكون حكمه حكم من اختلطت شاته بقطيع لإنسان، وهذا لا يصح، لأن الشرط في القبض يتسلط به على المقبوض ويتمكن من التصرف وهذا لا يوجد بقبض الجملة.
مسألة: قال: (وكُّل أرٍض بيعْت فللمشتري جميُع ما فيها من بناِء وأصٍل والأصُل ما له ثمرة بعد ثمرة).
الفصل
في اللفظ خلل، لأنه يوهم أن البناء خارج عن عمارة الأصل لأنه استأنف تفسير الأصل فقال: والأصل ما له ثمرة بعد ثمرة.
وقال بعض [٧٦/ ب] أصحابنا: لفظ الشافعي فللمشتري جميع ما فيها من أصل والأصل كل بناء وشجر له ثمرة بعد ثمرة والأول أظهر ولم يرد الشافعي بهذا إخراج الأشجار غير المثمرة عن هذا الحكم، ولكنه أراد أن الزرع ليست من جملة الأصل لأنها تثمر مرة ثم تتلف حني يزرع غيرها.
فإذا تقرر هذا فباع أرضًا لا يخلو إما أن يقول: بعتك هذه الأرض بحقوقها فدخل في البيع جميع ما في الأرض من البناء والشجر، وإما أن يقول: بعتك هذه الأرض مطلقًا، قال الشافعي: يدخل في البيع جميع ذلك، وقال في الرهن: لا يدخل في الرهن إلا البناء والشجر، واختلف أصحابنا فيه على ثلاثة طرق: فمنهم من قال: فيها قولان: أحدهما: لا يدخل فيهما لأن اسم الأرض لا ينطلق على ما فيها، والثاني: يدخل فيهما لأنه متصل بها فهو كأجزائها، ومنهم من قال: المسألة على حالين فإن قال: بحقوقها يدخل فيها، ران أطلق لا يدخل فيهما، ونص الشافعي في الَّرهن عند الإطلاق ومنهم من فرق بينهما وحمل النصين على ظاهرهما، والفرق أن البيع يزيل الملك فاستتع حقوق [٧٧/ أ] لقوته، والرهن لا يزيل الملك فلم يستتبع، وهذا هو الصحيح واختاره القاضي الطبري وجماعة، فإن قيل: أليس لو باع النخل لا تدخل فيه الثمرة، وإن كانت متصلة فكذلك البناء؟ قلنا: الفرق أن الثمرة لا تراد للبقاء فليست من حقوقها بخلاف البناء والشجر.
فرع
لو قال: بعتك هذا البستان يدخل في البيع الأرض وما فيها من الأشجار أجمع، لأنه يسمى بستانًا بجميع ذلك، ألا ترى أنه إذا أزيل عنها الأشجار لا يسمى بستانًا، وأما البناء الذي فيها والجدار المحيط بها على الطرق التي ذكرناها. وقال بعض أصحابنا: يدخل فيها الجدار المحيط بها قولًا واحدًا، لأن البستان اسم لجميعها وهو ضعيف عندي، ولو قال: حائط بستان فالجدار المحيط به يدخل في البيع، فإن كان في إخلاله بناء فعلى الطرق.