مدة بقاء الزرع فيها، وان كان قد انتفع بأرض المشتري فإن قيل: هلَّا قلتم عليه أجر مثلها مّدة بقاء الزرع فيها كما لو اشترى أرضًا شراًء فاسدًا فزرعها يلزم أجرة مّدة بقاء الزرع فيها، إذا استرد الأرض وترك الزرع إلى أوان الحصاد؟ قيل: الفرق إنه لا يملك المشتري في الشراء الفاسد منفعة الأرض فكان عليه الأجرة وهاهنا منفعتها مملوكة للبائع لأنها كالمستثناة عن العقد فلم تتلف منفعة غيره فلا أجرة، ويؤكده أن الأجرة إنما تجب إذا زرعها بعقد الإجارة أو بغير حق، وليس هاهنا واحد منهما فلا أجرة فإذا ثبت هذا فجاء وقت الحصاد عليه الحصاد في أول وقت الحصاد، وإن كان بقاؤه بعد هذا أنفع له، كما قلنا في الثمرة يقطعها البائع إذا تمت حلاوتها، ولو حصد ونقل الزرع قبل وقت الحصاد ليس له أن ينتفع الأرض بغير الزرع [٨٢/ ب] إلى وقت الحصاد ولأنه إنما ملك الانتفاع بها لهذا الزرع فليس له أن ينتفع بغيره كما لو كان المبيع دارًا فيها طعام ينقل في شهر فنقله في يومين سقط حقه وليس له أن ينتفع بها بقية الشهر، وهكذا له بقية الثمرة إلى حين الجذاذ فلو صرمها قبل ذلك سقط حقه وليس له أن ينقل إلى البستان بعد ذلك، كذلك هاهنا وإن حصده في أوانه نظر فإن كان زرعًا لا يضر عروقه بالأرض كالحنطة والشعير فلا كلام، وإن كان مما يضر بها عروقه كالقطن والذرة فعليه نقل العروق عنها، لأن هذا ملكه وبقاؤه يضر بها كما لو باع أرضًا فيها حجارة يلزمه نقلها.
ومن أصحابنا من قال: يلزمه قني أصول الزرع بكل حاٍل والأصح التفصيل على ما ذكرنا، فإذا نقل فإن لم يحصل في الأرض حفر تحتاج إلى الإصلاح فلا كلام، وإن كان فيها حفر يحتاج إلى الإصلاح فعلى البائع أصلاحها وتسويتها لأنه حفرها لاستصلاح ملكه فكان الضمان عليه، كما لو باع دارًا فيها جّب كبير لا يخرج من الباب إلا بهدم شيء منه وعليه ما نقص بالهدم [٨٣/ أ] وكذلك إذا هربت دابة فدخلت في دار رجل ولا يمكن أن يخرج منها إلا ببعض شيء من الدار يضمن البعض على صاحب الدابة، ولهذا قال بعض أصحابنا: لو وقع دينار في جرة رجل ولا يخرج إلا بكسرها كسر ويجب ضمانها على صاحب الدينار، وإن باع بشرط أن يكون الزرع للمشتري لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون قد تسنبل أو لم يتسنبل، فإن كان قبل أن يتسنبل أو بعد أن يتسنبل، وقبل أن يشتد الحب فيه جاز ذلك لأنه حشيش، ألا ترى أنه يجوز إفراده بالعقد فجاز بيعه مع الأرض فإن قيل: هلَّا قلتم لا يجوز بيعه إلا بشرط القطع كما لو أفرده بالعقد؟ قلنا: الفرق أنه إذا أفرده صار مقصودًا بالعقد وفي بيعه من غير شرط للقطع غّرز فلم يصح، وإذا باع مع الأرض فالغرز في التابع في العقد فلا يضر العقد، وهذا كبيع الثمار قبل بدو صلاحها مطلقًا من غير شرط القطع لا يجوز، ولو باعها مع الأرض مطلقًا يجوز، وإن كان قد تسنبل واشتد الحب فيه نِظر فإن كان الحب ظاهرًا كالشعير يجوز البيع لأنهما مقصودان ظاهران يجوز بيع كل واحٍد منهما على الانفراد، وإن [٨٣/ ب] كان الحب في كمام كالحنطة فاختلف قول الشافعي في الحنطة في سنبلها على قولين:
فإذا قلنا: يجوز إفراده بالبيع فلا يجوز بيع الأرض أولى، وإن قلنا: لا يجوز بطل البيع فيهما لأنهما مقصودان أحدهما: مجهول، فإن قيل: أليس لو باع حّرًا وعبدًا يبطل