للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحر وهل يبطل في العبد؟ قولان: هلَّا قلتم مثله هاهنا؟ قلنا: الفرق أنهما معلومان يمكن تقسيط الثمن عليهما، وهاهنا أحدهما مجهول وهما مقصودان فلا يمكن تقسيط الثمن عليهما فافترقا.

وقال في (الحاوي): هل يجوز تبعًا للأرض؟ وجهان: أحدهما: يجوز لأنه تجوز الجهالة تبعًا كأساس البناء، والثاني: لا يجوز لأنه وإن كان تبعًا فهو مقصود في نفسه بخلاف الأساس وهذا غريب، ومن أصحابنا من قال: هذا الوجه صحيح إذا قلنا بالقول الضعيف يمسكه المشتري بجميع الثمن عند الإجارة في تفريق الصفقة، لأنه يأخذ المعلوم بكل العوض فلا يضر الجهل بما عداه، فإذا قلنا: لا يجوز فيه هل يبطل البيع في الأرض قولان بناء على تفريق الصفقة، ومن أصحابنا من أبطله في الأرض قولًا واحدًا للجهل [٨٤/ أ] بحصة ما قابل الزرع المجهول من الثمن، وهذا من اختلاف أصحابنا في تعليل تفريق الصفقة.

فإن قلنا: يصح في الأرض فللمشتري الخيار، فإن أجاز يمسكه بكل الثمن قولًا واحدًا لأن الفاسد مجهول الحصة، وإن كان الزرع يحصد دفعة بعد دفعة ويبقى أصله في الأرض سنين كالرطبة والنعناع والكراث، فإذا باع الأرض مطلقًا قد ذكرنا أن الأصل تابع لهما كالنحل سواًء، ثم ننظر فإن لم يكن فيها شيء ظاهر كأنه باعه حين حّزه فما نبت للمشتري، وإن كان هناك نبت ظاهر فهو للبائع بإطلاق العقد على ما ذكرنا، وعلى البائع نقله في الحال فإن قيل: أليس قلتم في المسألة قبلها: للبائع تبقيته إلى أوان الحصاد؟ فهلَّا قلتم هاهنا مثله؟ قلنا: الفرق ما ذكره الشافعي أن للزرع والثمرة حّدًا إذا انتهيا إليه واحد وليس للرطبة جذاذ إذا انتهى إليه أجذ فكان عليه النقل في الحال، وأيضًا قال أصحابنا: الرطبة تطول وتخرج غير ما كان ظاهرًا منها فيفوت على المشتري ما يظهر له منها فكان عليه النقل في الحال والثمرة [٨٤/ ب] والزرع يكبر بذاته وينشأ بنفسه ولا يتفرع له أغصان لم يكن ولا يفوت على المشتري شيئًا، لأن الثمرة والزرع لجميع العام فكان له التبقية إلى حين الحصاد، وقال في (الحاوي): هل ينتظر جذاذه؟ وجهان على ما ذكرنا في نظيره، وهكذا إن لم يكن له أصل يبقى سنين ولكنه يجزه دفعة بعد دفعة كالهندباء والجرجير ونحو ذلك، قال الشافعي في (الأم): هي كالأصول وكذلك القثاء والخيار والبطيخ كالأصول نص عليه واعتبر ما يجز دفعة بعد دفعة ولم يفرق بين طويل المدة وقصيرها، فالجزة الأولى للبائع وما بعدها للمشتري. وقال في (الحاوي): البطيخ وما يؤخذ ثمرته مرة بعد مرة ولكن في عام واحٍد هل هو في حكم الشجر لأن ثمرته لا توجد دفعة وحكمه ما ذكرنا.

وقال البصريون: هو في حكم الزرع فللبائع أصله وثمره لأنه زرع عام واحد والشجر يبقى أعوامًا والهندباء والجرجير والكراث.

<<  <  ج: ص:  >  >>