للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوز البيع، لأنه باع نصيبًا من جملته من غير أن يكون النصيب معلومًا بكيل أو [١٠٠/ أ] وزن أو جزء معلوم فأشبه إذا قال: بعتك بعض هذه الصبرة، وقال مالك: يجوز ذلك لأنه استثنى معلومًا وهذا غلط لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نهى عن بيع السنين والثنيا). ومعناه أن يبيع شيئًا ويستثني بعضه فظاهره أنه لا يجوز كل بيع حصل فيه الاستثناء إلا إذا أقام الدليل، لأن هذا البيع معلوم بالمشاهدة لا بالقدر فإذا استثنى قدرًا بغير حكم المشاهدة لأنه لا يدري كم تبقى في حكم المشاهدة منه ويخالف إذا استثنى جزءًا لأنه لا يغير حكم المشاهدة ولا يمنع المعرفة بها. ولو قال: بعتك هذه الصبرة إلا ربعها أو قال: بعتك ربع هذه الصبرة جاز لأن المبيع معلوم بعد الاستثناء، وقال الأوزاعي: لا يجوز لا بيع على شرط الشركة وهذا غلط لأنه لو باع ثلاثة أرباعها جاز، كذلك هذا ويفارق المسألة قبلها لأن استثناء المد يجعل الباقي مجهول المقدار فإنهما لو سئلا كم المد من الحائط أسْهٌم من ثلاثة َاسهٌم أو سهم من ألف سهم [١٠٠/ ب] أو أقل أو أكثر؟ لم يعرفا ذلك، ولو استثنى نخلات من البستان ُنِظر فإن قال: بعتك هذه القيل إلا ثلاث نخلًات أو نخلة لا يجوز، وإن عين النخلات يجوز.

وقال مالك: لو لم يعين وكان قدر الثلاث يجوز وكان له ثمرة ثلاث نخلات وسط، وإن كان أكثر من الثلاث لا يجوز، وكذلك لو قال: بعتك نخلة أو نخلات منها ولم يعين لا يجوز، ولو كانت الصبرة معلومة المقدار فقال: بعتك إلا مّدًا منها يجوز لأن المد منها حينئٍذ يكون جزءًا معلومًا.

فرع

لو قال: اشتريت منك هذا الثوب بهذه الدراهم إلا خمسة دراهم لم يجز لأن الثمن مجهول، ولأن استثناء المعلوم من المجهول لا يجوز.

فرع آخر

لو قال: بعتك هذه الثمرة بأربعة آلاف إلا مقدار الألف قال في الصرف: يجوز لأنه استثنى ربعها، ولو قال: إلا ما يساوي ألف درهم كان باطلًا لأنه استثنى بقيمة ألف وذلك يقل ويكثر فلا يجوز.

فرع

لو قال: بعتك هذه الشاة إلا [١٠١/ أ] سوا قطها لا يجوز حضرًا كان أو سفرًا، وحكي عن أبي حنيفة: يجوز ذلك استحبابًا والمشهور خلافه، وهذا غلط لأنه يؤدي إلى جهالة المبيع، وقال أحمد: يجوز ويوقف في استثناء الشحم، وحكي عن مالك: يجوز ذلك في السفر لأن المسافر لا يمكنه الانتفاع بالسواقط وهذا غلط، لأنه يمكنه طبخها كما يطبخ اللحم ولأنه لا يجوز إفراد هذه بالبيع منها فلا يجوز استثناؤها.

فرع آخر

لو قال: بعتك قفيزًا من هذه الصبرة إلا مكوكًا جاز، لأن القفيز والمكوك معلومان قدرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>