لو قال: اشتريت صاعًا من هذه الصبرة فظاهر المذهب أنه يجوز وإن لم يعلما كم صيعان الصبرة، وإن تلف البعض فما دام هناك صاع فالمبيع باق، وإن لم يتلف فللبائع أن يؤدي صاعًا منها من أي موضع شاء.
وقال داود: لا يجوز هذا البيع لأنهما يختلفان فيقول البائع: أكيل لك من هذا الجانب ويقول المشتري: لا بل من الجانب الآخر وهذا غلط، لأنه يؤدي إلى الاختلاف بل الخيار للبائع كما لو أسلم [١٠١/ ب] إلى رجل في طعام للبائع أن يعطيه من آي موضع أراد، ولو قال: على أن تكيل لي من هذا الجانب صح ويكال له من ذلك حينئٍذ لأنه معين بالعقد.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: الأقيس أن لا يجوز هذا البيع إلا أن يعرف عدد الصيعان ليكون الصاع منه جزءًا مشاعًا وإن تلف نصف الصبرة تلف من المبيع نصفه، ويكون تسليم الصاع بالمقاسمة كتسليم الحر المشاع إما بقرعة أو تراٍض ووجه هذا أنه لا بد للمبيع من أن يكون في الذمة أو يكون عينًا بشاهد أو جزءًا مشاعًا من عين، والصاع من الصبرة المجهولة المقدار لم يوجد فيه شيء من هذا فأشبه إذا قال: بعتك ثوبًا من هذه الثياب العشرة لما لم يكن جزءًا منها مشاعًا لم يجز تؤكده أنه لو فرق الصيعان، وقال: بعتك هذه الصيعان لم يجز كذلك إذا كانت مجتمعة وأيضًا شراء صاع من جملة مجهولة المقدار كاستثناء صاع من جملة مجهولة المقدار وذلك لا يجوز، ولأنه لو قال: بعتك عشرة أذرع من هذه الأرض أو [١٠٢/ أ] من هذه الدار لم يجز إلا أن يكون فرعان الكل معلومة، حتى يكون المبيع جزءًا شائعًا منها أو يتعين جانبًا ليتعين الطول والعرض للمبيع، فإن قلتم: جوانب الدار تتفاوت وصيعان الصبرة لا يتفاوت فقد يكون أرضًا لا تتفاوت، أجزاؤها ومع ذلك لا يجوز، وهذا اختيار القفال ودلائله.
فرع آخر
لو باع ثمرة واستثنى منها قدر الزكاة يجوز، ولكن لا بد من ذكر قدر الزكاة َأُعْشٌر أو نصف عشر؟ وقال مالك: لا يلزم ذكر القدر لأنه معلوم شرعًا وهذا غلط، لأنه لو صح هذا لما لزم اشتراط الزكاة.
فرع آخر
قال في (الحاوي): إذا استثنى البائع قدر الزكاة وأمر المشتري بأدائها فأراد المشتري أن يرفع قدر الزكاة من غير هذه الثمرة فيه وجهان أحدهما: يجوز له ذلك لأنه يحل فيها محل البائع وقد كان للبائع دفع الزكاة من غيرها، والثاني: لا يجوز له ذلك لأن المشتري لم يملك قدر الزكاة بعقد ولا غيره، وإنما هو كالوكيل فيها [١٠٢/ ب] بخلاف البائع فإنه لو كان مالكًا لها وهذا هو المذهب الذي لا يجوز أن يقال غيره عندي.