فالسيد بالخيار بين الفداء وبين التسليم للبيع للسيد وليس له أن يسلم عين العبد إلى [١٧١/ ب] المجني عليه خلافاً لأبي حنيفة وإن اختار أن يفديه فيه قولان: أحدهما: .... الأمرين من خمسة أو أرش جنايته، والثاني: أرش الجناية ... البيع وتسليمه المبيع، وموضع هذا كتاب الجنايات، وإذا قلنا: البيع صحيح هل كانت الجناية خطأ أو عمداً يوجب الثاني، أو عمداً يوجب فهل يلزم السيد الأرش المنصوص؟ يلزمه الأرش نص على ذلك بالبيع، ولا سبيل له في فسخ البيع بعد ذلك، لأنه تعين به حق المشتري، ولما باعه مع العلم يتعلق الحق برقبته صار ذلك في ذمته بالتزام الأرش، وبه قال أبو حنيفة، إلا أن يكون السيد معسراً فيفسخ البيع حينئذ ويباع في الجناية، وحق المشتري من الثمن في ذمة السيد، وهذا لأن حق الجناية يتعلق لحق المشتري ... ومن أصحابنا من قال: لا يتعين ذلك على السيد وهو بالخيار من التزام الأرش وبين فسخ البيع وتسليم العبد ليباع في الجناية، لأنه ليس في بيعه أكثر من التزام الأرش وبين فسخ البيع وتسليم العبد ليباع في الجناية، لأنه ليس في بيعه أكثر من التصريخ بالفداء، ولو قال: أنا آخذ به لا يتعين الفداء بل يحمل على الوعد فهاهنا أولى وهذا لا يصح لأن اختيار الفداء هاهنا حصل بإزالة الملك ونفد فصار التزاماً في ذمته كما لو قبله بخلاف ما لو قال: التزمت الفداء بالقول، فإذا قلنا بما قال أصحابنا: بكم يفدي لو اختار الفداء؟ فيه قولان على ما ذكرنا، وإذا قلنا بالمنصوص قال أبو حامد وجماعة: يفديه بأقل الأمرين قولاً واحداً لأنه لا يقدر على تسليمه للبيع للزوم البيع فصار كما لو قلته يفدية بأقل الأمرين قولاً واحداً ويفارق المسألة قبلها لأنه يقدر على تسليمه للبيع.
وقال القاضي الطبري: فيه قولان أيضاً لأنه باختياره منع من تسليم نفسه للبيع. قلت: وإذا قبله يوجد هذا المعنى فيحتمل فيه قولاً آخر أيضاً، وإن كانت الجناية موجبة للقصاص فللولي الخيار بين القصاص والعفو على مال تعلق المال برقبته، والحكم فيه كما لو عفا قبل البيع لأنه مستحق بسبب سبق البيع، وإن اختار القصاص فاقتص نظر فإن كان قبل القبض بطل البيع، وإن كان بعد القبض اختلف أصحابنا فيه قال ابن أبي هريرة: كونه قاتلاً بمنزلة كونه معيباً فإن كان [١٧٢/ ب] المشتري عالماً بأنه قاتل ولا يرجع على البائع بشيء، وإن كان جاهلاً رجع عليه بالأرش فيقوم العبد قاتلاً وغير قاتل فيلزم البائع ما بين القيمتين بقسطه من الثمن لأنه قتل في يده فتعذر رده وهذا اختيار ابن سريج وابن أبي هريرة، وبه قال أبو يوسف ومحمد وأحمد، وهذا لأنه ليس في كونه قاتلاً أكثر من أن يخاف عليه التلف فصار كما لو اشترى مريضاً لا يعلم مرضه حتى مات في يده. قال أبو إسحاق: يرجع بجميع الثمن وهو المذهب المنصوص، وبه قال أبو حيفة لأنه لما قتل في المشتري سبق العقد وهو كالجناية كان بمنزلة أن يخرج مستحقاً ولا يعتبر بأن قتله يجعل كالاستحقاق لأنه لو جعل كالاستحقاق لم يصح البيع أصلاً وعلى هذا يجب دفنه وتكفينه على البائع.
وعلى هذا إذا غضب عبداً فجني في يده ثم رده على صاحبه ثم قتل في يد صاحبه بالجناية رجع على الغاصب بكل القيمة ويفارق المريض لأن المريض يتلف بزيادة مرض يحتمل في يد المشتري وهاهنا يتلف بما سبق فإن قيل: على [١٧٢ ب/ ٦] هذا يبطل بالمرتد إذا قتل في يد المشتري فإنه يقتل بإقامته على الردة، وقد تحددت الردة في يد المشتري ويرجع بكل الثمن على هذا القول قلنا: الردة السابقة في يد البائع أباحت القتل وإقامته عليها ليست بردة أخرى