قال والدي رحمه الله: على قياس هذا لو كانت ثيباً فوطئها وهو حامل لها ينبغي أن لا يبطل حق الرد لهذا المعنى وعلى هذا إن ولدت في الطريق فالولد له.
فرع آخر
لو اشترى دابة فأنعلها وضرب عليها إكافاً وجعل عليها لقودها رسناً ثم وجد بها عيبباً كان له أن يحط الإكاف ولا يجوز له قلع النعل فإن لم يحط عنها الإكاف بطل خياره، وإن قلع نعلها بطل خياره، والفرق بينهمت: أن الأنعال من الاستصلاح والحفظ لقوائمها ووقايتها عما يصيبها بتركه وقلعه يضر بها فيبطل خياره، وأما وضع الإكاف والسرج عليها لاستعمالها في الغالب فتركها يكون استدامة جهة الاستعمال فيبطل خياره [١٧٠/ ب] بذلك، وأما الرسن فتركه عليها لحفظها ونزعه عنها لا يضرها فلا يبطل واحد منهما خياره. ذكره صاحب "التلخيص" تخريجاً.
مسألة: قال: "ولو باعَ عبدَهُ وقد جَنَى".
الفصل
إذا جنى عبده ثم باعه فيه قولان أحدهما: البيع باطل وهو المختار لأن الشافعي قال: وبهذا أقول: لأن الرقبة كالمرهونة له بالجناية ولا يجوز بيه المرهون قبل الانفكاك، والثاني: البيع جائز وبه قال أبو حنيفة وأحمد، وهو اختيار المزني لأن نفس الجناية لا ترسل الملك والسيد بالبيع كالمختار للفداء وهذا لا يصح لأن السيد لا يقدر على إسقاط حقه إلا أن يوفيه بالفداء، وكذلك الراهن يسقط حق المرتهن بأداء الحق فلا فرق بينهما وفيه قول ثالث: مخرج أنه موقوف فإن فدى السيد جاز البيع وإلا فلا.
واختلف أصحابنا في موضع القولين على ثلاثة طرق: منهم من قال: القولان فيه إذا كانت الجناية خطأ وقد تعلق برقبته الأرش، أو كان عمداً ولكن صولح على مال، فأما إذا كانت الجناية عمداً فالبيع صحيح قولاً واحداً وهو ظاهر المذهب [١٧١/ أ] وقال القفال: هذا إذا قلنا: موجب العمد القود فحسب فأما إذا قلنا: موجب العمد أحد أمرين إما الدية وإما القصاص فحكمه حكم الخطأ ومنهم من قال: على العكس القولان في العمد وأما في الخطأ فقول واحد البيع باطل كبيع المرهون وهذا لأن جناية العمد توجب استحقاق نفسه فيصير كبيع المستحق فلا يصح في أحد القولين والخطأ يوجب الأرش في رقبته كالمرهون سواء وحق الجناية آكد لأنه تقدم على حق المرتهن، ومنهم من قال فيه قولان.
وجملته: أن عند الرجل إذا تعلق به حق مال فإن كان المالك علقه به كالرهن فالبيع باطل قولاً واحداً وإن تعلق به بغير اختياره كالزكاة وأرش الجناية فيه قولان. فإذا قلنا: البيع باطل رد المشتري العبد وانقطعت العلقة بينه وبين البائع ونفي الكلام بين السيد وبين المجني عليه، وإن كانت الجناية عمداً توجب القود قبله فلا كلام وإن كانت خطأ أو عمداً يوجب المال.