العقد، فإذا حلف على ما وقع عليه العقد لم يكن ذلك يمينًا على ما في يد غيره قبل نكوله عن اليمين فافترقا، فإذا قلنا: يحلف يمينًا واحدة وهو المذهب يجمع فيها بين النفي والإثبات فيقول: والله الذي لا إله إلا هو ما بعته بكذا، ولقد بعته بكذا، ثم قيل للمبتاع قد حلف البائع أترضى بما حلف عليه، فإن لم يرض حلف فقال: والله الذي لا إله إلا هو ما اشتريته بكذا وإن نكل عن اليمين قضى [ق ١٢ أ] عليه بالثمن الذي حلف عليه البائع وقد تقدم النفي على الإثبات. وإذا قلنا: يحلف يمينين يبدأ البائع فيحلف ويقول: والله الذي لا إله إلا هو ما بعته بكذا، ثم يقول للمشتري: حلف على النفي فيحتاج أن يحلف على النفي أيضًا، فإن لم يحلف جعلناه ناكلًا ورددنا اليمين على البائع فيحلف على الإثبات، وإن حلف المشتري على النفي فقال: والله ما اشتريت بكذا فقد تساويا فتعاد اليمين على البائع في الإثبات يقول: والله لقد بعته بكذا، فإن لم يحلف قيل للمشتري: احلف على الإثبات، فإن حلف فقد تساويا، وإذا نكل عن اليمين قضينا عليه الثمن الذي حلف عليه البائع، وتقدم النفي على ما ذكرنا.
وقال الإصطخري: يبدأ بالإثبات لأن الله تعالى قدم الإثبات على النفي في اللعان، ثم يقول في الخامسة: وعليه لعنة الله إن كان من الكاذبين، وهذا غلط؛ لأن الأصل في الأيمان النفي ولا يثبت بها لا بالنكول ورد اليمين أو تبعًا للنفي فيجب أن يقدم النفي، وأما اللعان فكل الأيمان هناك إثبات وليس فيها نفي، وقوله: إن كان من الكاذبين إثبات للصدق مثل قوله: إنه لمن الصادقين.
فإذا تقرر هذا، وحلفا جميعًا فهل [ق ١٢ ب] ينفسخ البيع أو يحتاج إلى فسخ اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: ينفسخ كما لو لاعن الزوج ينفسخ النكاح ولأن بالتحالف صار الثمن مجهولًا فأوجب انفساخه. ومنهم من قال: لا ينفسخ ويحتاج إلى فسخ وهو المذهب المنصوص في كتبه الجديدة والقديمة ولا يعرف له غير ذلك، وقد قال: إذا حلف البائع قيل للمبتاع، فإذا تحالفا أولى أن لا ينفسخ وهذا لأنهما أقرا أن العقد وقع صحيحًا فيعارضهما في الحجة لا بفسخه.
فإذا قلنا بهذا فالصحيح أن الحاكم بعد تحالفهما أترضى بما قال صاحبك؟ فإن رضي أحدهما به أمضى الحكم بينهما، وإن امتنعا فسخ العقد بينهما، وبه قال أبو حنيفة: لأنه فسخ مختلف فيه كالفسخ بالغيبة فيحتاج إلى الحاكم، فعلى هذا لو فسخه المتبايعان لم ينفسخ حتى يفسخ الحكم عليهما، ولا يجوز للحاكم أن يقسمه بعد تحالفهما إلا عن مسألتهما.
ومن أصحابنا من قال: الفسخ إل كل واحد منهما فأيهما فسخ جاز اعتبارًا بالفسخ بالعيب، وهذا لأن كل واحد منهما يقول: لم يسلم إلى المبيع على الوجه الذي تناوله، وقيل: حصل ثلاثة أوجه ينفسخ بنفس التحالف.
والثاني: ينفسخ بالتحالف وفسخ أحد المتبايعين [ق ١٣ أٍ].