فإذا قلنا: ينفسخ أو يفسخ فهل يقع الفسخ ظاهرًا وباطنًا؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يقع ظاهرًا وباطنًا كفسخ النكاح باللعان أو كالفسخ بالعيب.
والثاني: يقع ظاهرًا لأن العقد وقع صحيحًا وإنما تعذر إمضاؤه في الظاهر فكان الفسخ في الظاهر دون الباطن.
والثالث: إن كان البائع ظالمًا [يقع] في الظاهر دون الباطن، وإن كان مظلومًا وقع في الظاهر دون الباطن، والفرق أنه إذا كان البائع مظلومًا تعذر الوصول إلى تمام الثمن من جهته فهو كإفلاسه، فيكون البائع أحق بعين حاله أو كوجوده عيب بالثمن المعين، وإذا كان ظالمًا يمكنه الوصول إلى تمام حقه من الثمن، فإذا لم يفعل لم يحكم بارتفاع العقد في الباطن، وهذه الثلاثة الأوجه ترجع إلى وجهين في الحقيقة، لأنه لابد من أن يكون ظالمًا أو مظلومًا.
فإذا قلنا: يقع الفسخ ظاهرًا وباطنًا يعود المبيع إلى ملك البائع يتصرف فيه كيف شاء، فإن كانت جارية حلت لها وطئها وتمليكها لغيره ببيع وهبة وغير ذلك.
وإذا قلنا: ينفسخ في الظاهر دون الباطن، فإن تقارا على العقد جاز، وإن لم يتقارا فإن كان البائع ظالمًا لا يجوز له التصرف في المبيع لأنه [ق ١٣ ب] باعه بثمنن وهو قادر على تسليمه بذلك الثمن، ولو كانت جارية لا يحل لها وطئها ولا استخدامها بحالٍ، وإن كان مظلومًا فإنه بمنزلة من له حق على غيره ولا يصل إليه من جهته وقد حصل في يده ماله من غير جنس حقه فله أن يستوفي حقه من ثمنه، وهل يحتاج إلى دفعه إلى الحاكم ليتولى بيعه أو له بيعه بنفسه؟ وجهان؛ فإذا قلنا يبيعه الحاكم أو له بيعه بنفسه وجهان، فإذا قلنا يبيعه الحاكم أو قلنا: يبيعه بنفسه فباعه نظر، فإن كان ثمنه وفاء حقه أخذه، وإن كان أقل منه كان له الفضل عليه فيما بينه وبين الله تعالى، وإن كان أكثر يلزمه أداء الفضل على المشتري، لأنه لا يستحقه، ثم إذا تحالفا وترادا فالزوائد الحاصلة في ملك المشتري تبقى له ولا يلزمه أن يرد شيئًا منهما؛ لأنه كان مالكًا وإنما زال ملكه بما حدث من الفسخ، ولو كان وطئ الجارية لا يلزمه المهر.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا قلنا ينفسخ العقد بنفس التحالف ويجعل في التقتير كأنهما اختلفا في وقت التبايع، فقال هذا: بعت بألف، وقال ذاك: اشتريت بخمسمائة فلا ينعقد البيع بقول في حقيهما يجعل كأن العقد وقع باطلًا لا في حق غيرهما فيلزم رد الزوائد، والمهر لازم إذا كان وطئها [ق ١٤ أ] ولا يرد العين والمبيع لأنه حق ثالث سواهما، وهذا كما لو اشترى عبدًا وباعه ثم تقارا هو والبائع الأول على أن العبد كان حق الأصل لا يبطل حق المشتري ويقبل قولهما في حقهما كذلك ههنا، وإن كان البيع تالفًا وتحالفا وفسخ العقد بينهما يغرم قيمته، وإن زادت قيمته على ما ادعاه البائع.
وقال ابن خيران: لا يلزم الزيادة على الثمن لأنه لا يدعيها، وهذا غلط لأنه بالفسخ