دفعة (١٩٧ ب/١) واحدة ارتفع جنابتهما, وصار مستعملاً, وإن شرعًا مع النية دفعة واحدة ارتفعت الجناية عن أول جزء وصل إلى الماء من بدن كل منهما وصار مستعملًا ولا ترتفع
الجبانة عن باقي أعضائها, لأن الماء كالمنفصل من بدن كل واحد منهما في حق صاحبه.
فرع آخر
لو اغتسل الجنب مرة في ماء قليل كان الماء الأول مستعملًا, والثاني: مطهرًا, لأن تكرار الثلاث مأثور في الوضوء والنجاسة, وغير مأثور في غسل الجنابة, ففي الموضع المأثور في أحد الوجهين يصير مستعملًا دون غيره, ذكره في (الحاوي) ويحتمل وجهان آخر, لأن التكرار فيه مندوب في قول بعض أصحابنا.
مسألة: (إذا ولع الكلب في الإناء فقد نجس الماء).
وهذا كما قال: الكلام في الكلب في فصول ف نجاسة عينه, وفي نجاسة سوره وفي وجوب غسل الإناء من ولوغه وكيفية العدد في غسله, فأما نجاسة عينه, فعندنا هو نجس العين خلافًا لأبي حنيفة, وقال مالك: الكلب والخنزير طاهران لوجود المياه فيهما, وبه قال داود.
وأما نجاسة سؤره فعندما أنه إذا ولغ في ماء قليل, أو طعام من لبن أو خل أو غيرهما تنجس ويلزم إراقته, وغسل الإناء (١٩٨ أ/١) منه, وبه قال ابن عباس, أبو هريرة, وعروة بن الزبير (رضي الله عنه) , وأبو حنيفة, وأحمد, وإسحاق, وأبو ثور, وأبو عبيد, وقال الزهري, ومالك, وداود هو طاهر يجوز التطهر به, وإن ولغ في طعام لا ينجس ولا يحرم أكله, اختاره ابن المنذر لكن يغسل منه الإناء تعبدًا.
وروى هذا عن الأوزاعي, وهذا غلط لقوله (صلى الله عليه وسلم): (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه وليغسله سبع مرات) فأمر بالإراقة وعندهم لا تجب الإراقة.
ورى أبو هريرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب). ولأنه إذا وجب غسله لحدوث حادث تكون لنجاسته لا للتعبد, واحتجوا بقوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: ١٤٥] الآية, قلنا: هذا مما يطعمه طاعم وكلامنا في الإناء, ونجاسة الماء