الذي فيه, ثم هذا في السنة إن لم يكن في الكتاب.
واحتجوا بقوله تعالى: {فَكُلُوا مما أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} ولم يأمر بغسل الموضع الذي أصابه فم الكلب, قلنا: أراد به صيد الكلاب, وقوله مكبلين أراد به المعلمين ثم ليس فيه دليل على أن ذلك الموضع لا ينجس, كما أنه لم يأمر بغسل الصيد عن الدم, ولا شك أن دمه نجس على أن من أصحابنا من قال: موضع النص (١٩٨ ب/١) وإن كان نجسًا لا يجب غسله, بل يكون معفوًا عنه, لأنه لا يمكن الاحتراز منه, وظاهر المذهب أنه كسائر المواضع التي يصيبها فم الكلب, واحتجوا بما روى جابر (رضي الله عنه) قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الحياض بين مكة والمدينة تردها السباع والكلاب فقال: لها ما شربت في بطونها ولنا ما أبقت شرابًا وطهورًا, قلنا: نحمله على الماء الكثير بدليل ما ذكرنا. واحتجوا بأنه حيوان فكان طاهر السور كالشاة قيل: يجوز اقتناؤها إعجابًا بها وتفاخرًا بخلاف الكلب بدليل قوله (صلى الله عليه وسلم): (من اقتنى كلبًا إلا كلب صيد أو ماشيه نقص من أجره كل يوم قيراطان) , ولأن مالكًا وافقنا في أنه لا يجوز بيع الكلب ولم يرحم ذلك لحرمته, لأنه لا حرمة للكلب, ولا لعدم المنفعة, لأن منفعته كاملة, فدل أنه إنما حرم لنجاسته بخلاف الشاة, ولأنه لم يرد الأمر بالغسل من الولوغ هناك بخلاف ها هنا.
وأما العدد فعندنا يجب غسل الإناء من ولوغه سبع مرات, إحداهن بالتراب, وبه قال ابن عباس, وأبو هريرة, وعروة, وطاووس (رضي الله عنهم) وقبل: إنه قول الأوزاعي وقول مالك, ومن أصحاب مالك من يقول: يعتبر ذلك استحبابًا, وبه قال أحمد في أصح الروايتين عنه, وعنه رواية أخرى (١٩٩ أ/١) أنه يجب غسله ثماني مرات سبع مرات بالماء وواحد بالتراب منفردًا, وبه قال الحسين, وقال أبو حنيفة: يغسل مرة, وروى ثلاثًا. واحتجوا بما روى عبد الله بن معقل أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات والثامنة عفروه بالتراب).
وروى أولاهن بالتراب ويحمل, ما روا على أنه أراد إذا نسي التراب في إحدى الغسلات السبع يلزمه الإتيان بالثامنة, بدليل خبرنا أو عد التراب ثامنة, وإن كان يوجد مع أحد السبع؛ لأنه جنس آخر. وقال أبو حنيفة: لا يعتبر فيه العدد, بل يلزمه أن يغسل حتى يغلب على ظنه طهارته من النجاسة, واحتجوا بما روى الأعرج, عن أبي هريرة -رضي الله
عنه- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال في الكلب يلغ في الإناء: (يغسله ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا). قلنا رواية عبد الوهاب بن الضحاك, وهو ضعيف, ثم يحتمل هذا