للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال داود -رحمه الله -: لا يجوز بحالٍ كما لو باع ذراعًا من ثوبن وهذا غلط لما ذكرنا من العلة.

الخامسة: أن يقول: بعتك من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم فالبيع باطل؛ لأن من للتبعيض فقدر البيع مجهول.

وحكي عن ابن سريج -رحمه الله -أنه قال: يجوز في قفيز واحد كأنه قال: بعتك قفيزًا من هذه الصبرة بدرهم.

السادسة: إذا قال: بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم على أن أزيدك قفيزًا أو أنقصك قفيزًا، فالبيع باطل، لأن لا يدري هل ابتاعه زائدًا أو ناقصًا، وليست هذه مسألة الكتاب على صورتها، وإنما مسألة الكتاب إذا لم يذكر التخيير وهي المسالة السابعة: وصورتها أن يقول: بعتك هذه الصبرة على أن أزيد له إردبًا، وقال: على أن أنقصك، قال الشافعي -رحمه الله -: "البيع باطل، وجملته أنه إذا قال: على أن أزيدك إردبًا لا يخلو إما أن يعلما عدد القفزان أو لا يعلما ذلك، فإن لم يعلما فالبيع باطل لأن قوله أزيدك قفيزًا لا يخلوا إما أن يكون يريد به هبة أو يريد به بيعًا مع جملة القفزان، فإن أراد هبة لا يجوز، لأن شرط الهبة في عقد البيع فيصير في معنى التعيين في بيعه، وإن أراد بيعًا وجب أن [ق ٣٧ ب] يقسط على القفزان فيصير كل قفيز وشيء بدرهم، وهذا مجهول فلا يصح، وإن علمنا مقدار القفزان، فيه وجهان:

أحدهما: يجوز؛ لأنهما إذا علما أن عدد القفزان عشرة وزاد قفيزًا آخر ويكون مبيعًا فكأنهما تبايعًا كل قفيز وعشرة قفيزًا بدرهم.

والثاني: لا يجوز؛ لأن القفيز الزائد غير مشاهد ولا موصوف، وإذا كان بعض المبيع مجهولًا لا يجوز البيع، هكذا ذكر القاضي الطبري وسائر أصحابنا ذكروا وجهًا واحدًا أنه لا يجوز لما ذكرنا من العلة وهو الصحيح الذي لا يحتمل غيره، وذلك أن بيع الطعام المعلوم والمجهول لا يصح قولًا واحدًا.

والثامنة: أنه إذا قال: أزيدك إردبًا وأراد به أن يعطيه لكل إردب درهمًا ثم ثمن إردب واحد، فيصير كأنه زاد إردبًا من هذه الصبرة وجملة المكاييل معلومة عندهما يصح قولًا واحدًا.

التاسعة: أن يقول: على أن أنقصك، فإن لم يعلما عدد القفزان لا يجوز، لأن البيع مجهول، ويصير كأنه باع قفيزًا إلا شيئًا بدرهم، وإن علما عدد القفزان يجوز البيع قولًا واحدًا؛ لأن القفيز الذي ينقضي ليس بمبيع فلا يضر الجهل به، ويخالف المسألة قبلها؛ لأن القفيز الزائد [ق ٣٨ أ] مبيع فيؤثر فيه الجهل.

العاشرة: إذا قال: بعتك كل إردب بدرهم على أن تهب لي منها قفيزًا لا يجوز؛ لأنه شرط أن يهب للبائع شيئًا، وإن أراد أن الثمن بجملته بقابل الصبرة إلا إردبًأ منها وكانت المكاييل معلومة جاز، ويصير كأنه باع كل إردب بدرهم وتسع درهم إن كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>