أخذه لا يجوز بيعه كالسمك في البركة الكبيرة. إذا كان له طير مملوك وطار لا يزول لكن لا يجوز بيعه كما ذكرنا.
وقال مالك: إن لم يخرج من البنيان فهو على ملكه، وإن خرج من البنيان زال ملكه، وهذا غلط [ق ٤٩ ب] لأن ملك الإنسان لا يزول لخروج الشيء عن يده كالبهيمة إذا سرقت.
وهذا صحيح -البرك والآجام التي يدخل الماء فيها ويحصل فيها السموك ثم يسد حتى ينصب الماء ثم يصاد منها السموك لا يجوز تضمينها، ولا يجوز عقد الإجارة عليها ليصاد منها السموك؛ لأن هذا الاستئجار على منفعة لا يقدر على تسليمها لأنه لا يعلم هل يدخل فيه السمك أم لا، وهل يمكن أخذه أم لا، وقد يدخل قليًا وقد يدخل كثيرًا، ولكن لو اكترى أرضًا ليزرعها فصارت أجمة وحصل فيها الماء والسمك يجوز له أن يصطاد منها السمك، وهو أحق بها لأنه لا يجوز لغيره أن يدخل أرضه التي استأجرها، فإن تخطي فيها أجنبي وأخذه ملكه بالأخذ.
وقال بعض أصحابنا: تأويل قول الشافعي -رحمه الله -أن يقصد بتقبلها وإجارتها أخذا السمك منها؛ لأن عقد الإجارة يقع على الأعيان، فإن لم يكن فيها سمك فاستأجرها ليحبس ما يدخل فيها من السمك تجوز الإجارة لأن العقد وقع على منفعة مقصودة.
وذكر أبو حامد -رحمه الله -أنه لا يجوز ذلك ويجوز إجارة الشبكة للاصطياد وفرق بينهما؛ لأن الشبكة [ق ٥٠ أ] تحبس الصيد والاصطياد يكون بها وفي البركة يحبس السمك بغيرها، وهذا غير واضح، لأنه يمكن الاصطياد بالبركة وحبس السمك بها، وفي ذلك منفعة ظاهرة كما بالشبكة، وهذا هو الصحيح.
فرع
قال ابن سريج -رحمه الله -لو كان له دارًا وأرض فعشعش فيها طائر وفرخ فيها، أو دخل ظبي في أرض رجل فانكسرت رجله فيها أو غاص في الطين وبقى فيه، كان صاحب الأرض أحق به، لأن غيره لا يجوز أن يتخطى فيها. فإن خالف أجنبي وتخطى فيها وأخذه كان أحق به من مالك الأرض، لأنه ملكه بالأخذ. وهكذا إذا وثبت سمكة فوقعت في سمارية لا تكون لمالكها ولا لمستأجرها ولا لركابها، بل تكون للآخذ دون غيره، وعلى هذا لو نزل الثلج من السماء فمكث في أرض إنسان كان صاحب الأرض أحق به؛ لأن غيره لا يحل له أن يتخطاها فلو تخطاها إنسان وأخذه كان أحق به من صاحب الأرض. ويفارق هذه المسألة إذا نصب أحبولة أو شبكة أو مهد الأرض للتوحيل حتى يبقي فيها الطين إذا دخل فوقع فيها تصير لصاحبها، وإذا أخذ غيره يلزمه ردها إليه لأنه قصد تملكها وقدر عليها بذلك.