وهذا كما قال قد ذكرنا هذه المسألة وصورة هذه المسألة أن تكون الأذرع مشاعة لا معينة من بعض جوانبها، وقال: بعتك مائة ذراع من مائتي ذراع وأراد الأسهم جاز، وإن كانت ذرعان الدار أكثر من مائتي ذراع أو أقل، وكأنه قال: مائة سهم من مائتي سهم فسمى السهمان اذرعًا. ولو اشترى نصف سيف أو ديباج معينًا لا مشاعًا لم يجز، لأنه ينتقص بالتنصيف، وكذلك نصف جوهرة معينًا، ولو باع النصف من خشبة أو حجر لا ينقص بالكسر والقطع جاز كما قلنا في الثوب الصفيق الذي لا ينتقص بالقطع.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان:
أحدهما: هذا.
والثاني: لا يجوز وهو اختيار صاحب التلخيص؛ لأنه لا بد أن يقع التفاوت في موضع قطع الثوب ولو بخيط. وكذلك في موضع قطع المنشار فيؤدي إلى الجهالة وفي هذا نظر؛ لأن صاحب "التلخيص" ذكر النص عن الشافعي على ما تقدم بيانه وهو مذكور في اختلاف العراقيين [ق ٥١ أ].
وهذا كما قال: لا يجوز بيع اللبن في الضرع لأنه مجهول المقدار والصفة يختلف بكون الضرع لحمًا شحمًا ورقيق الجلد كثير اللبن ويكون أبيض صافيًا، أو متلونًا، ويحدث أيضًا ما ليس بمنع ولا يتميز من المبيع إلى أن يحلب، وقد ورى ابن عباس -رضي الله عنهما -أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع اللبن في الضرع" والصوف على الظهر والسمن في اللبن وكرهه ابن عباس -رضي الله عنهما -وهي كراهة محرمة. وقال مالك -رحمه الله -يجوز بيع اللبن في الضرع أيامًا معلومة قريبة إذا عرفت قدر حلابها؛ لأن قدره وصفته تعلم بالعادة. قال: ويكون التسليم بالتخلية كالثمار على الشجر. قال: والأيام القريبة قدر عشرة أيام.