الحاكم إنفاذه من غير بحث، فإن بلغ الصبي وادعى على الأب أنه ليس ببيع غبطة فالقول قول الأب، وهل يحتاج إلى ثبوت عدالتهما عنده؟ قال القاضي الطبري: فيه وجهان:
أحدهما: يحتاج [ق ٧٢ أ] إلى ثبوتها عنده كما يحتاج إلى ثبوت عدالة الشهود. وإن كان مما يلي بتولية كالوصي أو القيم من جهة الحاكم فيه وجهان:
أحدهما: وهو قول عامة أصحابنا لا يقبل قوله ولا ينفذ تصرفه حتى يقيم البينة على ذلك؛ لأن تصرفه لا يتضمن نفي التهمة عنه، ويخالف الأب والجد؛ لأن تصرفهما يتضمن نفي التهمة عنهما، ألا ترى أنه لا يجوز للوصي أن يشتري مال اليتيم لنفسه ويجوز ذلك للأب والجد.
والثاني: يُقبل قوله أيضًا ولا يرد تصرفه إلا إذا علم أنه لا يتضمن الغبطة والحظ كالأب والجد.
قال صاحب "الإفصاح": وهذا أشبه، لأنه يجوز لهما التجارة في ملكه بالبيع والشراء، ولا يعترض الحاكم عليهما، فكذلك في بيع العقار. ولو ابتاعا عقارًا فيه وجهان:
أحدهما: يقبل قولهما إلا ببينة كما في البيع؛ لأن التهمة ملحقة على ما ذكرنا ولا يشق عليه إقامة البينة عليه بخلاف التجارة فإنه يشق فيها.
ولو بلغ الصبي فادعى عليهما أنهما باعا من غير غبطة هل يلزمها إقامة البينة؟ على الوجهين، والمشهور أنه يلزم.
وأما الإنفاق على الصبي وعلى أمواله يُقبل فيه قول الأب والجد، إلا أن يكون بينة بخلاف ذلك. ولو ادعى الصبي عليهما بعد البلوغ [ق ٧٢ ب] بخلاف ذلك فالقول قولهما مع اليمين، إلا أن يكون مع الابن البينة.
وأما الوصي والقيم إذا ادعيا ذلك هل يقبل قولهما من غير بينة؟ قال جماعة من أصحابنا: يقبل قولًا واحدًا، وهو اختيار القاضي الطبري؛ لأنه يتعذر عليهما إقامة البينة على ذلك بخلاف ما إذا باع العقار أو ادعى رد الملك بعد البلوغ؛ لأنه يمكنه إقامة البينة عليه. وقال أبو حامد- رحمة الله- وجماعة: فيه وجهان:
أحدهما: هذا وهو المذهب.
والثاني: لا يقبل بخلاف الأب والجد لما ذكرنا من التهمة، وهذا إذا أمكن ما ادعياه.
فرع
لو قال الحاكم للوصي: اشتر هذا العقار فإن فيه حظًا، أو علم الوصي ذلك فتوانى فيه ولم يشتره حتى تلف المال صار ضامنًا له.