ذلك لا يقبل قولًا واحدًا؛ لأن ملكه قد زال. وهكذا لو كاتب عبده ثم أقر بجنايته قبل الكتابة يقطع تصرفاته عنه، إلا أنه إذا أقر أنه إن كان قد عصبه أو باعه ثم كاتب يكون ذلك إبراء له من مال الكتابة؛ لأنه يقول: لا أستحق عليك شيئًا ويعتق. وإذا أقر أنه كان جني لا يكون ذلك إبراء له؛ لأن العبد وإن كان جانيًا فهو مملوك له وتصح كتابته. وأما إذا [ق ٢١١ أ] أقر أنه كان قد أعتقه يُقبل ويعتق.
فرع
لو جني عبد على مولاه ثم رهنه وجوزناه كان رهنه إياه دليلًا منه على عفوه عنه ذكره أصحابنا.
إذا رهن عبده، ثم جني، ثم أبرأه المجني عليه من أرش الجناية كان رهنًا بحاله؛ لأن الجناية لا تبطل عقد الرهن، وإنما البيع في أرش الجناية يبطله فإذا أبرأه من أرشها بقي الرهن. وهكذا لو اصطلح رب الجناية والسيد عن الجناية على مال يبذله سيده، وإن كان تشقيصه عند البيع للجناية نقص يحصل في قيمته.
قال القفال: بيع الكل وأدى منه قدر الجناية، ويكون الباقي رهنًا عند المرتهن، ولا يثبت للمرتهن خيار بيع المرهون في هذه الجناية؛ لأنها حدثت بعد عقد الرهن.
وقال سائر أصحابنا: بيع البعض إلا أنه لا يمكن بيع البعض فيباع الكل ويكون الباقي رهنًا، ولا يفصلوا بين أن يكون في التشقيص نقص أم لا، والصواب التفصيل.
وقال أبو حنيفة: إذا جني العبد المرهون كان ضمان الجناية على المرتهن، فإن فداه كان مرهونًا كما كان، ولا يرجع بالفداء. وإن بيع في الجناية أو فداه السيد سقط دين المرتهن إن كان بقدر الفداء أو دونه، وهذا بناه على أصله أن الرهن مضمون على المرتهن [ق ٢١١ ب] وعندنا الرهن أمانة.