الخمر لا يصح، والراهن يقول: أقبضتك العصير فصح الإقباض. ولو اختلفا في القبض فالقول قول المرتهن؛ لأن الأصل أن لا يقبض.
والثاني: القول قول الراهن، وهو الصحيح؛ لأن الشدة قد تحدث كما يحدث العيب في المبيع.
ولو اختلف البائع والمشتري فقال البائع: بعتك سليمًا فحدث العيب عندك. وقال المشتري: بعتنيه معيبًا فالقول قول [ق ٢١٩ أ] البائع، وهما اتفقا ههنا على أنه رهنه عينًا وأقبضها إياه، واختلفا في عيب حادث فالقول قول من ينفي ذلك.
فإذا قلنا بالقول الأول فللمرتهن الخيار في فسخ البيع، ولو أراد الراهن أن يبدله رهنًا آخر ليبطل خياره في الفسخ، كان له الامتناع من قبوله؛ لأن الذي اشترطه رهنًا لم يسلم له رهنًا.
وإذا قلنا بالثاني أرقنا الخمر وليس للمرتهن على الراهن بدل يرهنه لأنه وفي له بشرطه والبيع لازم. ولو أراد إمساك الخمر ليستحيل خلًا كانا ممنوعين من الإمساك في ظاهر المذهب؛ وقد ذكرنا ما قيل فيه.
فرع
لو اختلفا في أصل العقد فقال الراهن: رهنتك عصيرًا، فقال المرتهن: رهنتني خمرًا. قال ابن أبي هريرة: ههنا قول واحد القول قول المرتهن؛ لأن المرتهن لم يقر بعقد صحيح، والراهن يدعي ذلك فكان القول قول المرتهن مع يمينه، كما لو قال: بعتك كذا، فقال: لم أشتر كان القول قوله مع يمينه. وقال غيره من أصحابنا: فيه القولان أيضًا؛ لأنه معترف بحصول عقد وقبض، وإنما يدعي صفة في المعقود عليه والأصل عدمها.
فرع آخر
لو رهنه عبدًا وأقبضه في محمل ملفوفًا ثم اختلفا في موته، فقال الراهن: أقبضتك حيًّا ومات عندك، وقال المرتهن: أقبضتني ميتًا فيه [ق ٢١٩ ب] طريقان:
أحدهما: القول قول المرتهن قولًا واحدًا؛ لأنه لم يقر بقبض العقد؛ لأن الميت لا يقبض، والمرتهن في العقد قد أقرّ بقبض وادعى الفساد فالقول قول من ينفي الفساد في أحد القولين.
والطريق الثاني: قال أبو إسحاق وجماعة: لا فرق، وفيه قولان أيضًا، وعليه نص الشافعي في "الأم"؛ لأن القبض شرط فالاختلاف فيه كالاختلاف في العقد.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا مبني على أن فساد الرهن هل يفسد البيع؟
فإن قلنا لا يفسد فالمسألة على قولين. وإن قلنا يفسد ففي اختلاف المتبايعين في