المعنى المفسد للبيع قولان، والأصح قول من يدعي فساده، فههنا القول قول المرتهن ويفسد بيه البيع؛ لأنه يحتاج إلى فسخه، وقد ذكرنا بخلاف هذا فيما تقدم، وفي هذا النظر.
وقال المزني: القول قول المرتهن؛ لأن الراهن مدع. قلنا: هل النزاع إلا في هذا، فإن من قال القول قول الراهن جعل المرتهن مدعيًا استحقاق لزوم البيع، والمرتهن عند التحقيق أشبه بالمدعي من الراهن على ما بيَّناه فلا معنى لما ذكرنا.
فرع آخر
لو كان الاختلاف بينهما في عيب بالعبد أو نحوه، فقال الراهن: كان بعد القبض.
قال المرتهن: كان وقت القبض فالقول قول الراهن [ق ٢٢٠ أ] بلا إشكال.
يجوز رهن الجارية ولها والد صغير دون ولدها؛ لأن هذا ليس بتفرقة. ومعنى هذا التعليل أن منافع الجارية المرهونة لسيدها، فإذا رهنها دون ولدها الصغير فلم ضم الولد إليها لتحتضنه وترضعه عند المرتهن وتكون الأم مرهونة والولد غير مرهون فليس كبيع الأم دون الولد؛ لأن تسليمها إلى المبتاع بعد تملكه إياها دون الولد تفرقة بينها وبين ولدها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا توله والدة بولدها" وقيل: معناه لأنه ليس بتفرقة في ثاني الحال، أي لا تباع دون الولد كالجارية إذا جنت ولها ولد صغير تباع مع الولد.
فإذا تقرر هذا ينظر، فإن حل الحق فإن قضاه من قضاه فذاك، وإن أراد قضاه من ثمنها بيعت مع ولدها، وكان للمرتهن من ثمنها ما قابل قيمة جارية ذات ولد فيقال: كم قيمتها ذات ولد؟ قالوا: مائة، وكم يساوي ولدها وحده قالوا: خمسين فيكون للمرتهن من الثمن ثلثا الثمن، وإنما اعتبرنا قيمة جارية ذات ولد؛ لأنه تعلق حق المرتهن بها على هذه الصفة، وهكذا الحكم فيه إذا ارتهنها ولها ولد ولم يعلم ثم علم ورضي به [ق ٢٢٠ ب] فبيعت بغير قيمة جارية ذات ولد على ما ذكرناه.
ويفارق هذا إذا رهنها حائلًا فأتت بولد مملوك من زوج أو زنا بيعًا معًا ويكون للمرتهن من ثمنها ما قابل جارية لا ولد لها؛ لأن حق المرتهن تعلق بها ولا ولد لها ولم يرض بولدها بخلاف ما تقدم، فيقال ههنا: كم تساوي ولا ولد لها؟ قالوا: مائة، وكم يساوي الولد؟ قالوا: عشرون. قلنا: يمكن للمرتهن منها خمسة أسداس الثمن.