للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا إن كانت الجناية خطأ أو عمد خطأ, ولا فرق بين أن يكون المقتول عبدًا قنًا, أو مدبرًا, أو معتقًا بصفةٍ, أو أم ولدٍ.

قال في "الأم": فإن كان المقتول ممن لا يقاد به القاتل مثل قتل الوالد أو الأم فلا قصاص ولا يثبت له المال لأنه كالخطأ في ثبوت المال. وإن كان المجني عليه مرهونًا كالجاني لا يخلو من أحد أمرين؛ إما أن يكونا مرهونين عند رجلين, فإن كانت الجناية عمدًا كان للسيد أن يقتص منه وكان له أن يعفو على مال لأجل حتى حق المرتهن لا لحق السيد, فإن أقبض بطل الرهنان وبقي الحقان بلا رهن وإن عفا مطلقًا. فإن قلنا: العمد يوجب القود فقط, ويثبت المال بالاختيار لم يثبت المال. وإن قلنا: يوجب أحدهما لا بعينه ثبت المال, وإن عفا على غير مالٍ. قال الشافعي: "لم يكن للمرتهن منعه من ذلك".

قال أصحابنا: هذا القول الذي نقول به الواجب في العمد القصاص, وإنما المال يثبت باختيار الولي. [ق ٢٤٤] فأما إذا قلنا: الواجب أحدهما لا بعينه ثبت له المال ههنا, ولا يجوز له إسقاطه لتعلق حق المرتهن به, فإذا تكرر هذا فكل موضع قلنا ثبت المال تعلق برقبة القاتل حقان: أرش ودين, فيقدم الأرش على الدين, فإن كانت قيمة القاتل أكثر مثل إن كانت قيمته مائتين وقيمة المقتول مائة بعنا منه بقدر قيمة المقتول يكون رهنًا, فكان المقتول والباقي بحاله, فإن لم يكن بيعه بعضه بيع كله وأخذ من ثمنه قيمة المقتول يكون رهنًا فكان المقتول وما لقي مكان المقتول, وإن كانت قيمة القاتل أقل فيه وجهان:

أحدهما: ينقل القاتل برمته إلى مكان المقتول.

والثاني: يباع القاتل فإن فيه فائدة, وهي أن يرغب فيه راغب فيزيد في ثمنه فيكون قدر الزيادة رهنًا مكان القاتل.

وإن كانا مرهونين عند رجل واحد, فإن كان لحق واحد فلا يجوز عفوه على مالٍ؛ لأن المرتهن لا غرض له في ذلك, وإن كانا بحقين في صفقتين فإن كانت خطأ أو عمد خطأ تعلقت قيمة المقتول برقبة القاتل, وإن كانت عمدًا فالسيد بالخيار بين القصاص والعفو.

فإن قيل: بطل الرهنان وبقي الحقان بلا رهن, وإن عفا على مال بيت المال, وإن عفا مطلقًا أو على غير مال فعلى قولين. فكل موضع لا يثبت المال لا يخلو [ق ٢٤٥ أ] الحقان وقيمة العبد من ثلاثة أحوال؛ إما أن يتفق الحقان والقيمتان أو تتفق القيمتان ويختلف الحقان, أو يتفق الحقان وتختلف القيمتان, فإن اتفق الحقان والقيمتان مثل إن كان كل واحد من الحقين مائة وقيمة كل واحد من العبدين مائة أقر القاتل مكانه؛ لأنه لا فائدة في بيعه ولا في نقله, هكذا قال أصحابنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>