وقيل ينبغي أن يعترض على البيع فربما يرغب راغب فزاد في ثمنه فيكون قدر قيمته المقتول رهنًا مكان المقتول, وما يبقى رهنًا مكان القاتل. وإن اتفقت القيمتان واختلف الحقان, مثل إن كانت قيمة كل واحد منهما مائة وأحدهما رهن بمائة والآخر رهن بمائتين نظر فإن كان المقتول رهنًا بالمائتين خير من أن يكون رهنًا بالمائة, وهل يباع وينقل ثمنه أو ينقل بعينه؟ على الوجهين. وإن كان المقتول رهنًا بالمائة أقر القاتل مكانه ولا ينقل إلى مكان المقتول؛ لأن إقراره رهنًا بالمائتين خير من نقله رهنًا بمائه, وإن اتفق الحقان واختلفت القيمتان, مثل إن كان كل واحد من الحقين مائه وقيمة أحدهما مائه وقيمة الآخر مائتين نظر, فإن كان قيمة المقتول مائتين أقر القاتل مكانه؛ [ق ٢٤٥ ب] لأنه لا معنى في نقله إليه وإن كانت قيمة المقتول مائه وقيمة القاتل مائتين بعنا من القاتل بقدر قيمة المقتول بكون رهنًا مكان المقتول, وما بقي من القاتل يكون رهنًا مكانه, هذا كله إذا كان الحقان حالين أو مؤجلين. فإن كان أحد الحقين حالاً والآخر مؤجلاً بعنا القاتل بكل حال, وجعلت قيمته مكان المقتول رهنًا, ليكون المؤجل برهن ويستوفي المعجل الذي عليه الدين, وإن كان القاتل بالمؤجل والمقتول بالمعجل بيع القاتل ليتعجل به استيفاء الدين من ثمنه.
مسألة:
قال: "وإقرَارُ العَبدِ المَرهوُنِ بِمَا فِيهِ قَصَاصٌ جَائِزٌ كَالبَيِّنةِ".
قد ذكرنا هذه المسألة فيما تقدم, ولا فرق ههنا بين أن يكذبه الراهن أو المرتهن أو يصدقاه وقد ذكرنا أنه إن أقر بما يوجب المال فإقراره باطل, وقول الشافعي ههنا: "باطل" يعني في حق سيده.
مسألة:
قال: "وَإذَا جَنَي العَبدُ فِي الرَّهنِ قِيلَ لِسَيِّدِهِ: إن فَدَيتَهُ بِجَميعِ الجِنايَةِ فَأنتَ مُطوِّعٌ وَهوَ رَهنٌ".
الفصل: إلى آخر كلام المزني رحمة الله عليه, قوله:
"بجميع الجناية" يدل على أن السيد إذا اختار الفداء بالأرش يلزمه بالغًا ما بلغ, وإن زاد على قيمة الرقبة, وهذا قول قديم لم ينص عليه في شيء من كتبه الجديدة, ويحتمل أن يكون مراده بهذا اللفظ المطلق دون [ق ٢٤٦ أ] الأحوال دون بعض, وهو إذا كان جميع الجناية مثل قيمة الرقبة, وإذا امتنع السيد من الفداء للمرتهن أن يفديه على القولين, ثم إذا فداه بإذنه وشرط أن يكون الرهن رهنًا بذلك أيضًا. قال الشافعي ههنا: "يجوز" وقد ذكرنا. قال المزني: يدل على أن الزيادة في الدين في الرهن الواحد يجوز.