اختلفا في البيع فقال الراهن: ابتعت بلا رهن, وقال المرتهن: ما بعتك إلا برهن فالقول قول الراهن أنه لزمه بغير رهن, والقول قول الراهن أنه لزمه بغير رهن, والقول قول المرتهن في الرهن أنه وثيقة بالحق. ألا ترى أنه قال بعده: "ويحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه" وهما لا يتحالفان إلا في مسألة البيع: فأما في تلفه بتعدٍ أو غيره فإنما يحلف أحدهما. إذا حلفا هكذا لا يلزم الراهن ولا يلزم البائع إمضاء بلا رهن وكان بالخيار بين أن يفسخ البيع وبين إمضائه بلا رهن, وقال: ههنا يبدأ المشتري باليمين بلا خلاف في المذهب؛ لأن يمينه لإنكار عقد الرهن ويمين البائع لفسخ البيع بعدم الرهن فيقدم المشتري, فإن قيل: إذا كانت [ق ٢٦١ ب] المسائل مختلفة هكذا فما بال المزني أطلق اللفظ إطلاقًا, قلنا: يحتمل أنه أراد أحد قسمي المسائل ويحتمل أنه أراد بهذا الإطلاق ما عطف عليه قوله: "فيما شبه" ردًا على مالك على ما ذكرنا, فمتى ادعى المرتهن على الراهن أنك لم تسلم إلي ما اشترطناه رهنًا على فسخ البيع وأنكر الراهن فالقول قول المرتهن, سواء أشبهت الحال ما قال الراهن أو أشبهت ما قال المرتهن.
فرع:
لو اختلف الراهن والمرتهن في صفة الحق, فقال: رهنتني عبدك سالمًا في ألف حال, فقال الراهن: بل في ألف مؤجل, فإن اتفقا على أن للمرتهن ألفًا حالاً وألفًا مؤجلاً, ثم اختلفا هكذا فالقول قول الراهن مع يمينه ما رهنته من الألف الحال, ويخرج سالم من الرهن في المؤجل والحال. أما في الحال بيمين الراهن, وأما في المؤجل فبإنكار المرتهن, وإن اتفقا على أن الألف واحد, وأن سالمًا رهن به واختلفا في حلوله وتأجيله ففيه قولان:
أحدهما: القول قول المرتهن ويصير [سالم] رهنًا بألف حالٍ.
والثاني: القول قول الراهن أن الألف مؤجل ويصير سالمًا رهنًا في ألف مؤجل.
وهذان القولان مبنيان على أن من أقر بدين مؤجل هل يقبل في الأجل قولان.
فرع آخر
لو قال المالك: بعتك عبدي الذي في يدك بألف فقال: بل رهنته بألف حلف صاحب اليد ما اشتريت وحلف المالك ما رهنت والألف [ق ٢٦٢ أ] وجاب عليه, لأنه مقر يقبض الألف وقد حلف دافع الألف إلى ما اشتريت فيجب رد الألف, وعلى عكسه لو قال: رهنته بألف فقال: بل بعتنيه حلف المالك ما بعت, وأما الراهن فباطل لأن المرتهن لا يدعيه ويجب رد الألف؛ لأن صاحب الألف يقول: أنا زعمت أنه لا دين لي عليك لكن بحكم إن اشتريت العبد بما دفعت فإذا حلفت أنك لم تبع فرد المال الذي أقررت بقبضه.