مسألة:
قال:" ولو قال رجل لرجلين وهنتماني عبدكما هذا بمائةٍ وقبضته منكما".
الفصل:
إذا باع رجل من رجلين شيئًا بألف ردهم, ووجب على كل واحد منهما خمسمائة درهم, فادعى البائع عليهما أنهما رهناه عبدًا لهما بالألف الذي له عليهما. فإن صدقاه جميعًا كان رهنًا, فإن أحدهما حصته خرج نصف العبد من الرهن.
وقال أبو حنيفة: لا يخرج من الرهن شيء, وهذا غلط؛ لأن رهن رجلين من رجل بمنزلة الصفقتين. وإن صدقه أحدهما وكذبه الآخر كان نصيب المصدق رهنًا ويكون القول قول المكذب مع يمينه, فإذا حلف لم يكن نصيبه رهنًا.
فإن كان المصدق عدلاً للمرتهن على شريكه فتقبل شهادته ويحلف المرتهن معه, واستحق رهن نصيبه لأن لا يجر بشهادته منفعة ولا يدفع عن نفسه بها مضرة, فلم يكن فيها [ق ٢٦٢ ب] معنى يوجب ردها, وإنما قلنا: يجكم في الرهن بالشاهد واليمين؛ لأن المقصود من الرهن المال ويثبت بالشاهد واليمين ما يكون المقصود منه المال, ولو قال كل واحد منهما: أنا لم أرهن نصيبي وإنما رهن صاحبي نصيبه عندك فالقول قول كل واحد منهما مع يمينه, وإن شهد كل واحد منهما على صاحبه للمرتهن وهو عدل فقد حصل شاهد واحد على كل واحد منهما فيخلف معه ويحكم له برهن جميع العبد, فإن قيل: كان يجب أن تقبلوا شهادة الذي شهد أولاً دون الذي شهد ثانيًا كما قال الشافعي في شاهدين شهدا على رجلين بقتل رجل وشهد المشهود عليهما على الشاهدين بالقتل تقبل شهادة الأولين فقط, قلنا: الفرق أن هناك الآخران واقعان عن أنفسهما فلم تقبل شهادتهما وههنا ليس واحد من هذين دافع عن نفسه بشهادته شيئًا بشهادته فقبلناها.
قال أبو حامد: هكذا قال أصحابنا ولكنه سهو عندي, والذي يجيء على المذهب أنه لا تقبل شهادتهما؛ لأن المرتهن معترف أن كل واحد منهما جحد حقًا ومنع حقًا وكذب في إنكاره, ومن كذب المشهود له شاهده لا تقبل شهادته.
قال أصحابنا: هذا لا يصح, لأن التخاصم لا يثبت فسق أحد المتخاصمين لجواز أن يلحق أحدهما بشبهته فيما يدعيه وينكره, ولهذا لو تداعا رجلان حقًا وتخاصما فيه [ق ٢٦٣ أ] ثم شهدا عند الحاكم بشيء آخر لم ترد بذلك شهادتهما, وإن كان أحدهما لابد ظالمًا فلم تكن الدعوى عنه جرحًا فيه ولا عداوة؛ لأنه يشهد لخصمه لا عليه.
فرع
لو ادعى رجلان على رجل أنه رهنهما عبده بألف فأقر لأحدهما بالنصف وأنكر الآخر فشهد المقر له على المقر لصاحبه بما يدعيه.