للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما يجري مجرى الميراث والوقف بمعزل عن ذلك, لأنه أخرج الشيء من ماله قربة إلى الله تعالى, فإذا لم يبين مصرفه طلبنا أولى وجوه القرب وهذا التصدق على الأقارب, فصرفنا إليه ذلك ولم يرده الواقف, لأنه لا يقف أحد على نفسه ولو فعل لا يجوز, وقد تقرب هو به إلى الله تعالى, وأزال ملكه, فلا يعود إليه, ولا له العود فيه.

وقال ابن حربويه من أصحابنا: البائع أحق بعين ماله على معنى أنه يستوفي حقه من ثمنه كالرهن, ويقدم به على سائر الغرماء ولا يفسخ, وهذا خلاف الإجماع ومذهب أبي حنيفة هذا إذا كان قبل قبض المبيع.

فرع آخر

البائع بالخيار بين أن يرجع بعين ماله وبين أن لا يرجع بعين ماله وهل الرجوع على الفور أم التراخي؟ وجهان:

أحدهما: أنه على الفور وهو الصحيح؛ لأنه لوجود العيب فكان على الفور [ق ٢٩٣ ب] كخيار الرد بالعيب.

والثاني: أنه على التراخي لأنه حق رجوع لا يسقط على عوض فكان التراخي كالرجوع في الهبة. وهذا لا يصح؛ لأن في التأخير ههنا ضرر بالغرماء بخلاف الرجوع في الهبة, وقيل: هو على التراخي ما لم يعزم الحاكم على بيع ماله فلا يؤدي إلى الضرر بأحدٍ.

فرع آخر

إذا أراد أن يرجع بعين ماله هل يحتاج إلى حكم الحاكم؟ المذهب أنه لا يحتاج إلى حكم الحاكم؛ لأن الشافعي قال: "لا يملك عين ماله إلا بالتفليس والاختيار" ولم يشترط فيه حكم الحاكم, ولأنه فسخ ثبت بالنص فلا يفتقر إلى حكم الحاكم كالفسخ باللعان والرد بالعيب.

وحكي عن أبي إسحاق أنه قال: لابد من حكم الحاكم لأنه فسخ مختلف فيه ولم يذكر صاحب "الحاوي" غير هذا. وقيل: إذا كان حاكم ليس له ذلك إلا بحكمه وإن لم يكن حاكم فله ذلك.

فرع آخر

بماذا يكون الفسخ؟ اختلف أصحابنا فيه, فمنهم من قال: بصريح القول والفعل كما في الفسخ بالخيار؛ لأن ملك المشتري في زمان الخيار غير مفتقر فجاز أن يفسخ بالفعل بخلاف ملك المفلس فإنه مستقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>