للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع أصاب بدنه من الماء الأول ويعيد الصلاة الأولى.

قال صاحب "الإفصاح ": وهذا أقرب الوجوه. وقال القاضي الطبري: هذا غلط ظاهر مع مخالفة نص الشافعي، وذلك أنه نقص الاجتهاد الأول بالاجتهاد الثاني وهذا لا يجوز ومن أصحابنا من ذكر وجهًا رابعًا أنه يستعمل الثاني ويصلي ويعيد الصلاتين جميعًا. قال صاحب "الإفصاح ": وهذا أولى.

وقال القاضي الطبري: هذا الوجه الرابع أقوى مما اختاره؛ لأن هذا القائل لم ينقص الاجتهاد بالاجتهاد، بل أمره أن يعمل في الصلاة الثانية [٢٢٦ ب/ ١] على اجتهاد الثاني من غير أن ينفض الاجتهاد الأول، ثم إذا صلى علم إن إحدى الصلاتين صلاها بماء نجس ولا يعرف عنها فيلزم إعادتهما، كمن علم أنه ترك صلاة من صلاتين نلزمه إعادتهما، وهذا أيضًا فاسد لما ذكرنا من الدليل.

ومن أصحابنا من قال على قول ابن سريح: يغسل بالثاني ما أصابه الأول في غير مواضع الوضوء، فإن في مواضع الوضوء تطهرها للوضوء من الحدث، ومن النجاسة ولا تلزمه إعادة الصلاتين، وهذا أحسن مما ذكرنا عنه أو لا، حتى لا يكون مصليًا بالنجاسة يقينًا، ولا يؤدي إلى نقص الاجتهاد بالاجتهاد، فإنا لا نحكم ببطلان طهارته الأولى، وصلاته يوم يغسل ما على بدنه من الماء الذي غلب على ظنه أنه نجس، ويكون ذلك بمنزلة ما منعناه من استعمال بقية الماء، وحكمنا بنجاسته، ولا يقال هو نقص الاجتهاد بالاجتهاد، ولو كانت لمسألة بحالها إلا أن الماء الأول قد فنى، أو صبه فأدى اجتهاده إلى [أن] الماء الذي تركه هو الطاهر، والذي استعمله أنه النجس، قال أبو إسحاق: لا يتوضأ به ويتيمم ويصلي، وهل يعيد هذه الصلاة؟ وجهان: أحدها: لا يعيدها لأنه تيمم وليس معه ماء طاهر [٢٢٧ أ/ ١] بيقين، وذا مقتضى تعليل الشافعي. والثاني: يعيدها لأنه تيمم ومعه ماء عنده أنه طاهر، ولو كانت المسألة بحالها إلا أنه علم يقينًا أن الذي استعمله كان نجسًا والذي

تركه هو الطاهر. قال في "الأم "يتوضأ به، ويغسل كل ما أصابه الماء الأول وأعاد الصلاة الأولى؛ لأنه تيقن أنه صلى محدثًا وعليه نجاسة.

فرع آخر

لو تحرى فيهما فلم يغلب على ظنه طهارة إحداهما. قال الشافعي: لا يزال يجتهد حتى يغلب على ظنه طهارة إحداهما ولا يجوز له أن يتيمم ومعه ماء طاهر، فإن خاف فوت الصلاة. قال الشافعي في الأعمى إذا تحرى ولم يكن عنده دلالة على الأغلب ولم يكن معه أحد يتآخى له: تآخى على أكثر ما يقدر عليه، ثم يتوضا ويصلي، وقال صاحب "الإفصاح ": فيه وجه آخر أنه إذا لم يجد دليلًا بدله على الطاهر وخاف فوت الوقت يتيمم ويصلي ويعيد كل صلاة صلاها، وعاد إلى الاجتهاد في طلب الطاهر حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>