للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغلب على ظنه ما يعمل عليه، وهذا أقيس ولكنه خلاف النص؛ لأنه لم يثبت الماء لا بعلم ولا ظن، وإذا قلنا بالمنصوص لم يذكر الشافعي إعادة الصلاة.

وقال القاضي الطبري: عندي أنه يلزمه إعادتها لأنه توضا به على التخمين من غير [٢٢٧ ب/ ١] دلالة تدل على طهارته عنده، ولو صب إحداهما أو كلاهما لم يكن معه حينئذ ماء طاهر بيقين فله التيمم ولا إعادة عليه، وكذلك لو صب أحدهما على الآخر بخلاف ما لو صب الماء متعمدًا فإنه تجب الإعادة في أحد الوجهين؛ لأن هناك لا عذر وههنا عذر إذ لا يقدر على استعماله لو أمسكه ولم يصبه.

فرع آخر

لو انقلب أحد الماءين قبل التحري ففيه وجهان: أحدها: يتحرى في الباقي كما لو كانا باقيين، والثاني، لا يتحرى بل يتوضأ بهذا الباقي من غير تري وهذا اختيار ابن سريج؛ لأن الأصل هي الطارة في كل واحد منهما، فإذا كانا قائمين لم يعلم عين الطاهر، وإذا ذهب أحدهما صار معه ماء طاهر الأصل وهو شاك في نجاسته، فيبنى على الأصل وهذا ضعيف؛ لأن هذا المعنى هو موجود قبل أن يصب أحدهما وهو يشك في نجاسة كل واحد منهما فلا يصح ما ذكره وقال القاضي أبو حامد: إذا قلنا: لا يتحرى ههنا بتيمم وفعلى؛ لأن حكم الأحد قد زال فيه بوجوب التحري ومنعنا إياه من استعماله، فغذا تعذر التحري لم يجز استعماله.

فرع آخر

لو كان مع الأعمى إناءان طاهر ونجس، وأشكل عليه الطاهر من النجس، قال في

"الأم ": "تحرى كالبصير "وقال في حرملة: لا يتحرى [٢٢٨ أ/ ١] كما لا يتحرى في طلب القبلة، والأول اصح لأنه يمكنه أن يقف على بعض إمارات النجاسة وهو ما يتعلق بالتيمم واللمس والحس فله التحري كما لو التحري في دخول وقت الصلاة لأنه يمكنه الوقوف عليه بورده ويحمله بخلاف القبلة لأن إماراتها كلها متعلقة بالبصر ولا بصر للأعمى، فإذا قلنا: لا يتحرى تحرى ل غيره ويحمل على ما يخبر به كالقبلة سواء، وإذا قلنا: ينحرى. قال الشافعي في "الأم " "لو كان الأعمى لا يعرف ما يدله على الأغلب ومعه بصير يصدقه وسعه أن يستعمل الأغلب عند البصير "، فأجاز له الشافعي الاجتهاد والتقليد، واختلف أصحابنا في هذا فمنهم من قال: لا يجوز له التقليد؛ لأن من هو من أهل الاجتهاد في شيء لا يقلد فيه وكلام الشافعي- رحمة الله عليه- في "الأم "محمول على أن البصير أخبره بما شاهده أو سمعه فيلزمه قبوله، وهذا اختيار أبي حامد، ومنهم من قال: يجوز له التقليد؛ لأن من أماراتها ما يدركه الأعمى وهو التيمم واللمس، ومنها ما لا يدركه الأعمى لتعلقها بالمشاهدة مثل أثر الكلب

<<  <  ج: ص:  >  >>