ومعناه جرى عليه القلم, والبلوغ يتعلق بأربعة أشياء: ثلاثة يشترك فيها الرجال والنساء وهي السن والاحتلام والإنبات, وواحد يختص به النساء وهو الحيض.
ومن أصحابنا من قال: يتعلق بخمسة أشياء؛ اثنان يختص بهما النساء: الحيض والحمل, وهذا لا يصح؛ لأن الحمل دليل على تقدم البلوغ وليس ببلوغ في نفسه, لأنه يستدل به على تقدم الإنزال, فإن الولد لا يخلق إلا من المائين, وقيل: إنما لم يذكر الشافعي -رحمه الله- الحمل لأن حيضها يسبق حملها في العادة.
وأما السن فهو استكمال [ق ٣٤١ أ] خمس عشر سنة في الذكور والإناث, وبه قال أبو يوسف ومحمد وعن أبي حنيفة في الغلام روايتان:
أحدهما: تسع عشر سنة وهي رواية الأصل.
والثانية: ثماني عشرة رواها الحسن بن زياد, وفي الجارية ثمان عشرة سنة.
وقال بعض أصحابنا: إذا طعن في خمس عشرة سنة يصير بالغًا, وهذا ليس بشيء لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ماله وما عليه وأخذت منه الحدود رواه أنس رضي الله عنه, وعندنا خمس عشرة سنة بالقمرية من حين ينفصل المولود من بطن أمه, وقال أبو يوسف, ومحمد, وزفر, والحسن بن صالح رحمهم الله إذا خرج أكثر المولود من الرحم يعتبر أول سنة, وإذا علمت حياته عند خروج أكثره, ثم خرج باقية ميتًا ورث, وعندنا لا يرث؛ لأن انقضاء عدتها لا يكون إلا بالانفصال التام كذلك هذا.
وحكي عن مالك أنه قال: لا بلوغ بالسن بل هو بالاحتلام, وغلظ الصوت وانشقاق الغضروف, وروي عنه: ليس في السن للبلوغ حد, وقال أصحابه: سبع عشرة أو ثماني عشرة.
وقال داود: البلوغ بالاحتلام وغلظ الصوت لا بالسن, واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحلم" وهذا غلظ لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: عرضت [ق ٣٤١ ب] على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وأنا ابن ثلاث عشرة سنة فردني وعرضت عليه يوم أحد وأما ابن أربع عشرة سنة فردني ولم يرني بلغت وعرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني في المقاتلة.
وقال أنس رضي الله عنه لما استكملت خمس عشرة سنة حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه.
وأما خبرهم نقول به وليس فيه نفي غيره.
وأما الاحتلام عبارة عن نزول الماء الدافق: وهو المني الذي يخلق منه الولد على