أن يرجعوا على المضمون عنه حتى ينقضي الأجل لأن الدين عليه مؤجل فلا يجوز المطالبة به من قبل محله، وحكي عن زفر أنه قال: لهم مطالبته به قبل الأجل لأن الضامن ضمن يأمره مع علمه أنه يحل عليه بموته. وهذا غلط لأنه أدخله في المؤجل وهذا الحلول كان من غير اختيار فصار كما لو عجل الدين قبل محله لا يرجع عليه في الحال. وهكذا لو مات المضمون عنه يحل الدين عليه، ولا يجوز له مطالبة الضامن لأنه لم يحل عليه فإذا استوفاه من تركته سقط عن الضامن والمضمون عنه.
فرع آخر
لو كان الدين مؤجلًا فضمنه حالًا فيه ثلاثة أوجه:
أحدهما: لا يصح الضمان لأن الضامن فرع المضمون عنه فلا يستحق مطالبته دون أصله.
والثاني: يصح الضامان ويكون حالًا كما يجوز أن يضمن الحال مؤجلًا.
والثالث: يصح الضامن ويكون مؤجلًا لأجله وسقط قوله حالًا لأن الفرع لا يكون أقوى من الأصل وهذه الأوجه ذكرها ابن سُريج والأصح عندي الوجه الأول لأن المضمون له يجبر على التأجيل وقد ضمن له عاجلًا ولا يُجبر الضامن على التعجيل فيكون الفرع أقوى من الأصل فلا وجه إلا إبطال الضمان. وقال في "الحاوي": لا يصح الوجه الثاني لأن حال الضامن أضعف من حال المضمون عنه، ثم لا يلزم المضمون عنه حالًا فالضامن أولى والمذهب الوجه الثالث ويقال له: الأولى لك أن تعجل القبض بشرطك فإذا أَبَيت إلا الأجل المستحق لم تجبر ويكون اشتراطك التعجيل تطوعًا منك لا يلزم إلا بالقبض.
فرع آخر
إذا قلنا: يصح ويكون حالًا فضمن مطلقًا ثم اختلفا فقال الضامن: ضمنته على [٢١/ ب] وصفه فهو مؤجل وقال المضمون له: ضمنته مالًا فعليك التعجيل فالقول قول الضامن لأنه اعترف بما ضمن.
مسألة: قال: "فإنْ ضمنَ بأمرهِ وغرمَ رجعَ بذلكَ عَليه".
وهذا كما قال: إذا ضمن عن رجل مالًا وأداه لا يخلو من أربعة أحوال:
أحدهما: أن يكون الضمان والأداء بأمره فيرجع على المضمون عنه وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف رحمهم الله، وقال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: إن قال: اضمن عني يقتضي إقرارًا منه بالحق، وإذا أطلق يصير كأنه قال: تطوع عليه أو وهب له هذا وإذا كان مخالفًا له فقد يأمره بالنقد عنه فقلنا: يرجع عليه استحسانًا. وقالا: الزوجة والولد كالمخالط وهذا غلط ضمن بأمره ودفع فأشبه إذا كان مخالطًا له أو