الإقرار. وإن طالب الضامن وقبض منه ألف درهم فإن الضامن يرجع على المضمون عنه بالألف الأول وهو الذي دفع إلى الطالب بحضرة المضمون عنه ولا يرجع بالألف الثاني لأنه يقر أنه ظلم لحقه من جهة الطالب.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجه آخر يرجع بالألف الثاني دون الألف الأول لأن البراءة به وقعت للمضمون عنه وهو ضعيف. وإن كان الضامن دفعه إلى الطالب في غيبة المضمون عنه لا يخلو إما أن يشهد عليه أو لم يشهد، فإن لم يشهد عليه لا يخلو إما أن يكون قد أمره بالإشهاد، أو منعه من الإشهاد، أو لم يأمره ولم يمنعه منه فإن كان قد منعه منه نُظر صدق الضامن في قوله كان الحكم فيه كما لو دفعه بحضرته. فإن جحده كان القول قوله مع يمينه وعلى الضامن البينة، فإذا حلف برئ من دعوى الضامن ويكون المضمون له بالخيار إن شاء طالب الضامن، وإن شاء طالب المضمون عنه، فإن طالب المضمون عنه وزن ألف درهم له ولا يلزمه أن يزن للضامن شيئًا، وإن طالب الضامن وزن له ألف درهم. وهل يرجع على المضمون عنه؟ المذهب أنه يرجع بالألف الثاني لأن بالأول لم تحصل البراءة وإنما حصلت بالثاني وهذا اختيار القاضي أبي حامد رحمه الله، ومن أصحابنا من قال: لا يرجع بشيء لأن بالألف الأولى لم تحصل البراءة، والثاني يقر الضامن أنه ظلم لحقه من جهة [٣٢/ أ] المضمون له وأن البراءة حصلت بالألف الأول الذي قبضه.
قال صاحب "الإفصاح": ولو قال قائل: هذا القول كان مذهبًا ومن أصحابنا من قال: يرجع بالألف الأول لأن ذمته برئت به في الباطن، وإن كان قد أمره بالإشهاد عليه فترك الإشهاد فإنه مفرط بترك الإشهاد مضيع لما دفعه إليه فلا يجوز أن يرجع به على المضمون عنه وإن صدقه المضمون عنه، ثم ينظر في المضمون له، فإن طالب المضمون عنه وزن له ألف درهم ولا يلزمه أن يزن للضامن شيئًا. وإن طالب الضامن لزمه أن يزن له ألف درهم ثانيًا وهل يرجع على المضمون عنه؟ على ما ذكرنا. وإن لم يأمره بالإشهاد ولم يمنعه منه قال أبو إسحاق: يلزمه الإشهاد، فإن لم يشهد كان مقبوضًا ولا يرجع على المضمون عنه وإن صدقه، كما لو أمره بالإشهاد لأن أمره بالدفع يقتضي دفعًا مبرئًا وذلك بالإشهاد عليه حتى إذا جحده تكون شهادتهما حجة عليهم.
وقال ابن أبي هريرة: يحتمل أن له الرجوع لأن الدفع وقع بأمره ولم يأمره بالإشهاد حتى يكون مفرطًا فيه، فصار كما لو دفعه بحضرته والأول المشهور، وقد فرقنا بين حالة الحضرة وحالة الغيبة. وإن كذبه فإن قلنا: لو صدقه لم يرجع عليه فلا يمين عليه.
وإن قلنا: إذا صدقه رجع عليه فعليه اليمين على نفي العلم. وأما المضمون له إن شاء رجع على المضمون عنه، وإن شاء رجع على الضامن على ما ذكرنا. فإن رجع على المضمون عنه فلا كلام، وإن رجع على الضامن بالألف فإن قلنا: إنه لو لم يرجع