عليه رجع بالألف الذي دفعه رجع ها هنا أيضًا به، والثاني ظلم لا يرجع به وإن قلنا: بالوجه المشهور أنه لا يرجع فها هنا هل يرجع؟ على ما ذكرنا من الخلاف وفيه وجه آخر ذكره ابن أبي هريرة يرجع بأحد الألفين لا يعينه، قال القاضي الطبري: وهو الصحيح عندي لأن البراءة حصلت بالألفين جميعًا بالألف الأول في الباطن، وبالألف الثاني في الظاهر وقد كان يمكنه تحصيل البراءة منه بألف واحد ففرط فيه فإذا كان كذلك حصل له على المضمون عنه من الألفين ألف واحد من غير تعيين.
ومن أصحابنا من رتب فقال: هل يرجع عليه؟ وجهان فإذا قلنا: يرجع فيه وجهان: [٣٢/ ب] أحدهما: يرجع بالألف الأول، والثاني: بالألف الثاني، وفيه وجه ثالث: يأخذ الألفين لا يعينه وقيل: يرجع بأقلهما لأن الأقل إن كان أقل فهو لا يدعي إلا هو، وإن كان الثاني أقل استحق الرجوع به في الحكم فلا يرجع بأكثر منه هذا كله إن لم يكن أشهد عليه. فإن كان قد أشهد عليه لا يخلو إما أن يشهد شهودًا يثبت بها الحق أو لا يثبت بها الحق أو مختلف فيها، فإن كان شهودًا يثبت بها الحق مثل رجلين أو رجل وامرأتين عدولٍ فإن الضامن يقيمها فإذا ثبت القضاء كان له الرجوع على المضمون عنه، فإن مات الشهود أو غابوا أو فسقوا واعترف المضمون عنه أن الضامن كان قد أشهد كان للضامن أن يرجع عليه بما قضى عنه لأنه لم يكن مفرطًا، والحكم فيه كما لو دفعه بحضرة المضمون عنه.
وإن أشهد شهودًا لا يثبت بها الحق فإن كانت ترد بأمر ظاهر مثل الفسق الظاهر والرق والكفر لم يكن له الرجوع على المضمون عنه لأن مفرط في ذلك. وإن كانت ترد شهادتهم بأمرٍ خفي مثل الفسق الخفي فيه وجهان: أحدهما: لا يرجع لأنه أمره حين لم يحصل المقصود من الشهود، والثاني: يرجع لأن الجرح والتعديل إلى غيره فلا يكون مفرطًا ولأنه أمر يستبطن فكان معذورًا في الخطأ فيه. ومعنى الوجهين: أنه يُكتفى بظاهر العدالة في شهود النكاح أو تعتبر حقيقة العدالة كما عند الحاكم على وجهين. وإن أشهد بينة مختلفًا فيها مثل العدل، فإن كان باقيًا حلف معه وحكم له. وإن كان قد مات فيه وجهان: أحدهما: يكون مفرطًا لأن الشاهد الواحد ليس ببينة تامة في الابتداء. ولأن الحاكم ربما كان لا يرى الحكم بالشاهد واليمين. والثاني: لا يكون مفرطًا وهو الصحيح لأنه لو كان حيًا لم يكن مفرطًا فلا يصير مفرطًا بموته.