بالتصرف وكل هذه الأقسام يرجع إلى قسمين شركة في الأعيان، وشركة في المنافع، وكلها ينقسم قسمين: أحدهما: شركة تحصل بين قوم بغير اختيارهم وهو الميراث. وشركة لا تحصل بغير تراضٍ وهي ما عدا الميراث إلا أن يختلط مالان فيكون المالان شركة بينهما بغير اختيارهما.
وقيل: الشركة من ثلاثة أوجه في الأعيان، وفي المنافع وفي الحقوق. فالذي في الأعيان من وجوه شركة التجارة بالشراء، مشتركًا والهبة والميراث وفي المنافع والحقوق ذكرنا. ومن جملتها حق الرد بالعيب وخيار الشرط ونحو ذلك. وذكر المزني بيان القسمة ها هنا وليس هذا موضعه ولكنا نشير إلى طرف منها فالقسمة جائزة في الأموال المشتركة ولا يفتقر فيها إلى لفظ بيع كما قسم - صلى الله عليه وسلم - خيبر من غير بيع. والقرعة جارية في كل قسمة تشبه قسمة الغنائم وإنما تجوز فيما يحتمل القسمة، فإن ما لا يحتملها تؤدي القسمة فيها إلى إضاعة المال. وإنما يقسم إذا دعا بعض الشركاء، إلى القسمة ولا يجبر الحاكم عليها قبل ذلك.
وقال: لا يجوز قسمة رقاب الأوقاف، وعلل بأنه ارتفع الملك عنها وهذا يوهم أنا إذا حكمنا بالملك للموقوف عليهم جازت لهم القسمة وليس المذهب هكذا بل هم ممنوعون عن قسمة الرقبة على جميع الأقاويل. ومعنى قوله: لارتفاع الملك عنها أي لارتفاع الملك الكامل عنها، ونحن وإن حكمنا بالملك لهم في أحد القولين فهو موصوف بالضعف، ألا ترى أنه لا يستحق به الشفعة والقسمة حتى لمن تكامل ملكه؟! فإن تراضوا على المهايأة للسكنى سنة فسنة فلا بأس لأن المهايأة قسمة المنافع وملك لهم على الإطلاق. وقوله:(سنة فسنة) ربما يوهم ذلك تقديرًا بالسنة وليس كذلك إليهم في السكني، فإن شاءوا زادوا وإن شاؤوا نقصوا. وتلطف المزني فنص على المدة الطويلة في المهايأة تنبيهًا على جوازها في المدة القصيرة، إذ لو نص على المدة القصيرة لم يحصل التنبيه على المدة الطويلة. وإن كانت أرضًا تزرع فالمهايأة على مدة لإمكان الزراعة والحصاد لتتوفر الفائدة [٤٥/ أ) وأما غلة الأوقاف من ثمارها وأجرتها تجوز قسمتها بلا إشكال.
مسألة: قال (١): والذي يشبه قول الشافعي أنه لا تجوز الشركة في العروض.
الفصل
وهذا كما قال: هذا نص قول الشافعي رحمة الله عليه في "البويطي" ولكن ذكره المزني من عنده، وجملته أن العَرَض بفتح الراء كل ما يتمول من النقود وغير النقود. والعَرْض بسكون الراء، كل ما يتمول إلا النقود وبفتح الراء أعم.
وجملته أن الأموال في الشركة على ثلاثة أضرب نقود، وعرض لا مثل له وعرض له