مثل، فأما النقود: فالشركة فيها جائزة إذا كان المالان على صفة لا يعرف مال أحدهما عند الخلط عن الآخر.
فأما العرض الذي لا مثل له كالثياب والعقار والحيوان فلا تصح فيها الشركة، فإذا كان لكل واحد منهما عبد أو ثوب ونحو ذلك فالشركة فيها لا تصح بعقد الشركة فإن قالا: اشتركنا في هذين العبدين أو الثوبين ولم تنعقد الشركة، وبه قال جماعة العلماء. وقال ابن أبي ليلى: تصح الشركة في العروض كلها، وحكي عن مالك أنه قال: تصح الشركة في العروض كلها إلا فيما فيه الربا من الحنطة والشعير.
وحكي عنه أنه قال: تصح ويكون رأس المال قيمتها واحتج بأن مقصود الشركة أن يملك أحدهما نصف مال الآخر وتكون أيديهما عليه وهذا موجود في العروض فتصح الشركة فيها وهذا غلط لأن هذه الشركة لا تخلو إما أن تكون واقعة على أعيانها، أو على أثمانها، أو على قيمتها فلا يجوز الأول لأن الشركة توجب أن لا يتميز مال أحدهما عن الآخر وأن يرجع عند المفاصلة إلى رأس المال ولا مثل لها فيرجع إليه وقد تزيد قيمة جنس أحدهما دون الآخر فيستوعب بذلك جميع الربح أو تنقص قيمته فيؤدي ذلك إلى أن يشاركه الآخر في ثمن ملكه الذي ليس يربح، وان ما يتلف من مال الشركة يختصر به أحدهما وهو مالك العين ولا يجوز أن تكون واقعة على أثمانها لأن ذلك يكون مضاربة معلقة بشرط وهو بيع الأعيان، ويكون أيضًا عقد الشركة على ما لا يملكان حال العقد ويكون أيضًا عقد الشركة على مجهول، ولا يجوز أن تكون واقعة على قيمتها لمثل هذا المعنى فدل أنها باطلة فيها وهذا جواب [٤٥ / ب] عما ذكره من الدليل.
فإذا تقرر هذا فإن أحبا أن يكونا شريكين فيها بغير عقد الشركة صح من وجود أحدها: ما قاله المزني: يشتري نصف عبد صاحبه بنصف عبد نفسه، فإذا تبايعا صار العبدان بينهما ويجب أن يتعاقدا البيع من غير شرط تصرف كل واحد فيه فإن ذلك يفسد البيع، ثم إذا تعاقدا البيع من غير شرط إذن كل واحٍد منهما لصاحبه في التصرف في العرضين جميعًا ويكون تصرف كل واحٍد منهما بحسب إذن صاحبه على ما بيناه. وهذا إذا اتفقت القيمتان، فإن اختلفت القيمتان فكانت قيمة أحدهما ألفًا وقيمة الأخر ألفين، فالوجه أن يشتري ثلثي العبد الذي قيمته ألف بثلث عبده الذي قيمته ألفان فيكون العبدان شركة بينهما لأحدهما ثلث العبدين، وللآخر ثلثا العبدين. وقول المزني:"ويتقابضا" لم يرد به أن القبض شرط في صحة البيع، وإنما ذكره لأنه شرط في الشركة فإن كل واحد من الشريكين يتصرف في جميع مال الشركة ولا يصح ذلك قبل القبض منه أو من وكيله. ثم لو باعا عرضيهما بعد التقابض فربحا فالربح بينهما على قدر المالين.
ولو حبسا ماليهما فارتفعت السوق فهما في ارتفاع السوق سواء ويحتمل أن يكون مراد المزني بالحبس التحبيس وهو الوقف والله أعلم. ولو عارضا ذلك بعرض آخر