للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الواجب عليك وما زاد ظلم من الموكل عليك فلا يستحق الرجوع به، وإن رجع الموكل على المشتري فأخذ منه القيمة لم يرجع المشتري على الوكيل لأن البدل استقر عليه. فإن كان الموكل قد قضى الثمن والمشتري طالبه بما قبض منه، فإن كان الثمن قائماً أخذه منه. وان كان تالفاً قال بعض أصحابنا: له الرجوع عليه بالبدل إلا من ناحية أنه يغرمه ما غرم لك من ناحية ضمان الدرك فإن المبيع ما سلم له فإن قال المشتري للموكل: خذ قدر ما قبضت من الثمن وخذ منه بقية القيمة صح وهو معنى قول الشافعي في "اختلاف العراقيين": فإن كانت قيمة السلعة أكثر رجح الموكل بالفضل على المشتري. وان كذبه الوكيل دون المشتري أو المشتري دون الوكيل فالحكم في المصدق كما لو صدقاه وقد مضى.

أما قول المزني: إذا حلف نقض البيع لم يؤد به أنه منعقد حتى يحتاج إلى نقضه بل إذا حلف حكم بأن البيع في الأصل غير منعقد وإنما هو تجوز في العبارة والشافعي قد فعل في كتاب النكاح مثل ذلك. مسألة: قالَ وان وكلهُ بشراء سلعة فأصابَ بها عيباً كان له الردُ.

الفصل

وهذا كما قال: إذا وكله في شراء [٩٣ /أ] سلعة أو غيرها كالعبد والدابة لم يخل من أحد أمرين إما أن يوكله في شراء موصوف أو معين، فإن وكله في شراء موصوف فإطلاق هذا يقتضي أن يشتريه سليماً من العيوب، ولو اشترى معيباً مع العلم به لا يلزم الموكل.

وقال أبو حنيفة رحمه الله: له أن يشتري المعيب من الأعمى والمقعد والمقطوع لعموم أمره في القراض. وهذا غلط لأن الإطلاق يقتضي السلامة كما في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء:٩٢] ويفارق القراض يجوز للعامل فيه شراء المعيب مع العلم به لأن القصد به طلب الفضل وقد يطلبه بشراء المعيب والقصد من التوكيل في الشراء أن يشتري له ما يقتضيه ويدخره ولا يقصد ذلك إلا في السليم، فإن ابتاع على ما وصف فوجد بها عيباً كان له ردها بالعيب لأن توكيله إياه بالشراء يقتضي السلامة من العيوب، ويكون الشراء صحيحاً لأنه اشتراه على ظاهر السلامة. فإن قيل: فهلا قلتم إن الشراء باطل إذا ذكر أنه يشتريه لموكله لأنه اشترى غير ما تناوله الإذن كما لو وكله بشراء سلعة فاشترى غيرها؟ قلنا: لأن التحرز من العيب يشق ويخرج لأنه وبما يكون خفياً لا يعرف فسومح فيه فأجيز البيع وجعل له الرد بخلاف ما لو عدل من عين إلى عين.

وقال والدي رحمه الله: لو كان العيب ظاهراً يمكنه معرفته ولكنه لم يعلم يحتمل أن يجعل هذا كالعلم فيقع الشراء للوكيل، ويحتمل أن يصح الشراء للموكل وعليه يدل كلام أصحابنا، ولهذا له الرد به ولا يجعل كأنه علم به. وإذا أراد الوكيل الرد فقال له البائع: انتظر حتى يطالع الموكل فلعله يختارها لم يلزمه ذلك لأنه ربما لا يرضى الموكل فيفوته الرد. ولو قال: طالعه بذلك فإن رضي وإلا فلك الرد لم يكن عليه تأخير

<<  <  ج: ص:  >  >>