الوكيل بالبيع إذا أبرأ المشتري من الثمن لم يبرأ منه وقال أبو حنيفة: يصح إبراؤه ويضمنه للموكل، وهذا غلط لأن إبراء الموكل عنه يصح فلا يصح إبراء وكيله عنه بغير إذنه.
فرع آخر
لو صار الوكيل متعدياً ثم ادعى تلف العين تال القفال: القول قوله وعليه ضمان قيمته. وقال القاضي أبو عاصم الغامدي: لا يقبل قوله في التلف ويطالب بإقامة البينة على التلف، فإن لم تكن له بينة فالقول قول الموكل. وهكذا الخلاف في الغاصب إذا ادعى تلف العين المغصوبة.
فروع في الشهادة في الوكالة لأبي العباس ابن سريج رحمه الله
اعلم أن شهادة الوكيل على موكله مقبولة كما يشهد الوالد على ولده، والولد على والده. وإن شهد لموكله نظر، فإن شهد له في غير ما وكل فيه صح مل إذ كان وكيله بالبيع شهد له بالشراء وكان وكيله بالشراء فشهد له بالبيع، أو كان وكيله فيهما شهد له بالنكاح قبلت شهادته في هذا كله. وإن كان فيما وكله فيه لا يخلو إما أن يكون مقيماً على الوكالة أو مصروفاً عنها، فإذ كان مقيماً عليها لا تقبل شهادته قولاً واحداً، لأنه خصم فيه بدليل أنه تسمع دعواه به عليه فلم يجز أن يكون شاهداً [٩٧/أ] فيه. وإن كان مصروفاً عن الوكالة لا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون قد خاصمه فيه حين كان وكيلاً، أو صرف قبل أن يبتدئ بالخصومة، فإن كان قد خاصمه فيه لا تقبل شهادته لأنه صار خصماً له بدعواه المتقدمة. ولأنه يريد أن يزكي نفسه وليبين صدقه فيما ادعاه عليه فكان متهماً في شهادته. وان لم يكن خاصمه فيه قولان مخرجان: أحدهما: تقبل شهادته وبه قال أبو حنيفة لأنه ما لم يخاصم لم يصر خصماً فلا تهمة فيها. والثاني: لا تقبل لأنه يريد تزكية نفسه وبيان صدقه فيما كان قد دخل فيه من الوكالة ولأنه بعقد الوكالة صار خصماً، وبه قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله.
فرع آخر
لو أراد الوكيل أن يدعي ذلك الشيء لنفسه مثل إنْ وكله في دعوى دارٍ ثم عزله ثم ادعاها لنفسه فإن كان بعد أذ ادعاها لموكله لم يجز، وإن كان قبل الدعوى وبعد قبول الوكالة فعلى ما مضى من القولين المخرجين.
فرع آخر
لا تثبت الوكالة إلا شهادة ذكرين فأما بشهادة رجل وامرأتين لا تبت لأنه إثبات تصرف فهو كالوصية إليه. وعند أبي حنيفة تثبت الوكالة والوصاية بشاهد وامرأتين. وعلى هذا عندنا لا تثبت كلتاهما بشاهد ويمين. وتثبت كلتاهما بالشهادة على الشهادة.