إذا شهد أحد الشاهدين أن هذا وكيل فلان وشهد الآخر أن فلاناً وكله ثم عزله لا نحكم بصحة الوكالة لأن من شهد بالعزل يقول: ليس بوكيل ولا تثبت الوكالة بشاهد واحد. ولو حكم الحاكم بشهادتهما ثم رجع أحدهما بعد الحكم وقال: قد كان موكله عزله لا تسمع شهادته الثانية. وإن قال ذلك أحدهما قبل أن يحكم الحاكم بشهادتهما لا نحكم بذلك بعد رجوع أحدهما. وخرّج ابن سريج فيه وجهاً آخر أنه يحكم بها لأن الشهادة بالوكالة قد تمت، والشهادة الثانية بالعزل لم تتم وهذا سهو منه ولا يجيء على المذهب لأن ما يحدث بالشاهد بعد الشهادة [٩٧/ب] قبل الحكم المقارن للشهادة. وإن رجعا وقالا: عزله بعد الحكم ثبت العزل بشهادتهما لأن الشهادة تمت بالعزل.
فرع آخر
لو شهد أحدهما أن فلاناً وكل فلاناً يوم الخميس وشهد آخر أنه وكله يوم الجمعة لم يحكم بشهادتهما. ولو شهد أحدهما أنه أقر عناه يوم الخميس بتوكيله وشهد آخر أنه أقر يوم الجمعة عنده بتوكيله حكم بشهادتهما لأن الإقرار إخبار عن توكيل سابق فيجوز أن يخبر عن توكيل واحد في وقتين مختلفين بخلاف المسألة الأولى. وعلى هذا لو شهد أحدهما أنه أقر عنده بالعربية أنه وكله وشهد الآخر أنه أقر عنده بالعجمية أنه وكله ثبتت الوكالة. ولو شهد أحدهما أنه وكله بالعربية وشهد الآخر أنه وكله بالعجمية لم تتم الشهادة.
فرع آخر
لو شهد شاهدان أن فلاناً وكل فلاناً والموكل غائب فقال الوكيل: ما علمت هذا وأنا أتصرف عنه ثبتت وكالته، لأن معنى ذلك أني لم أعلم إلى الآن وقبول الوكالة ليس على الفور ويجوز متراخياً ولا يشترط قبولها قولاً. ولو قال: ما علمت ذلك وسكت، قلنا له: فسر ذلك فإن فسر بما ذكرنا ثبتت وكالته. وإن قال: أردت بذلك أني لا أعلم صدق ذلك الشاهدين لم تثبت الوكالة لأنه قدحٌ في الشاهدين.
فرع آخر
لو أدعى رجل أنه وكيل فلان الغائب وأقام على ذلك بينة فشهد أبناء الموكل أن أباهما عزله فإن صدقهما الوكيل انعزل بإقرار الوكيل. وان كذبهما أو سكت فادعى من عليه الحق أنه عزل وكيله قبلت شهادتهما على أبيهما لأنهما شهدا على الأب. وإن سكت هو أيضاً ولم يقل شيئاً لا تسمع هذه الشهادة لأنهما شهدا لمن لا يدعي عزله والوكيل على وكالته. وإن قبض الوكيل الحق ثم حضر الموكل وذكر أنه كان قد عزل وكيله وأن القبض بعد العزل وأن شهادة ولديه صحيحة لم تقبل شهادتهما هاهنا لأنهما يشهدان لأبيهما، وذلك أنهما يثبتان له رجوعاً على من عليه الحق بعد استيفائه منه فلم تقبل.
فرع آخر
لو ادعى [٩٨/أ] الوكالة فشهد له أجنبيان وكان أحد الشاهدين قريب الآخر مثل إن