للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: عليّ ألف أو لا لكونه شاكاً في ثبوت الإقرار وسقوطه وهو ها هنا متيقن للإقرار شاك في مستحقه فافترقا.

مسألة (١): قال: (وَلَو قَالَ: وَهَبْتُ لَك َدارِي هَذِه وَقَبَضْتُهَا).

الفصل

وهذا كما قال: إذا أقر رجل فقال: وهبت داري من فلان وقبضتها، أو حازها أو صارت في يده أو حصلت في يده فقد أقر له بملكها بالهبة لأن الهبة تملك بالعقد والقبض معًا وقد أقر بذلك، فإن ادعى بعد ذلك أنه لم يكن قبضها وأنه يريد أن يرجع فيما وهبه له وطلب يمين الموهوب له قد ذكرنا هذه المسألة في كتاب الرهن وحكمهما واحد والمذهب أن له طلب يمينه لأنه ربما توهم أن التسليم بالقول تسليم. وقد حكي المزني لفظ هذه المسألة ولم يذكر في ظاهرها لدعوى الواهب تأويلًا محتملًا بعد إقراره السابق بالهبة والقبض ومطلق دعوى الواهب غير مسموع لأنه يكون مكذباً نفسه بنفسه ولهذا لو قال: كذبت فيما اعترفت له بالقبض لم يسمع فالمسألة محمولة على أنه يدعي التأويل مثل ما ذكرنا أني توهمت أن التسليم بالقول تسليم، أو ذكرت ذلك عن لسان وكيلي وقد كذب ونحو ذلك هكذا ذكر أبو إسحاق رحمه الله.

ولو قال: وهبتها له ولم يقر بالإقباض قال الشافعي: [١٣٩/ب (فإن كان في يد الموهوب له فهو قبض بعد الإقرار وهذا فرعه على ما نص في الرجل إذا وهب لغيره عينًا في يديه فمضت يمكن القبض فيها صارت مقبوضة، وإن لم يأذن له في القبض فعلى هذا يكون قد أقر بالهبة والقبض معًا، وإن كانت في يد الواهب أو في يد وكيل الواهب ثم اختلفا فقال الموهوب له: قبضتها وملكتها وأنكر الواهب فالقول قوله سواء قال: وهبتها وملكتها أو قال: خرجت إليه منها لأنه قد يقول: ملكها معتقدًا مذهب مالكٍ أن الهبة تملك بالعقد ولا يزول ملكه باعتقاده الباطل وكذلك قوله خرجت إليه منها لأنه يحتمل خرجت قولاً ويحتمل خرجت فعلًا. وإن كانت الدار في يد الموهوب له وقال: وهبتها منه وخرجت إليه منها قال ابن أبي أحمد: قال الشافعي: القول قول الموهوب له.

وقال القفال: استعمل الشافعي الظاهر في هذا الموضوع لأنه إذا قال: خرجت إليها منها ووجدت في يد الموهوب له فالظاهر أنه أراد بما قال إقباضًا والقبض بالعيان مكذب للواهب في إنكاره له وحصل الإذن فيه بإقراره فتمت الهبة. وعلى ما ذكرنا إذا أقر أنه أقرض من فلان ألف درهم وقبضه ثم قال: ما كان قبضه وإنما أقررت لأقبض أحلفنا المقر له لاحتمال ذلك بحكم العادة على ظاهر ما ذكر ها هنا من غير تفصيل. وعلى قول أبي إسحاق لا يحلف إلا أن يدعي تأويلًا محتملًا على ما ذكرنا.


(١) انظر الأم (٣/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>