واعلم أن المزني ذكر المسألة الأولى وذكر فيها تعليل المساءلة الأخيرة وهي إذا اختلفا في القبض فإنه قادت لأنه لا تتم الهبة إلا بالقبض عن رضا الواهب وهذا تعليل الاختلاف في القبض فأما تعليل المسألة الأولى أن العادة جارية بالإقرار قبل القبض، ولهذا أطلق الشافعي الجواب في وجوب التحليف.
مسألة (١): قال: ولو أقَّر أنه باعَ عبدُه من نفسِه بألٍف.
الفصل
وهذا كما قال: اعلم أنه إذا قال لعبده: أنت حر على ألٍف [١٤٠/أ (أو قال: أنت حر بألٍف أو قال: إن ضمنت لي ألفًا فأنت حر فقبل العبد ذلك على الفور صح وعتق ووجب عليه المال. ولو قال: أنت حر وعليك ألف درهم يعتق ولا شيء عليه، ولو قال: أنت حر إن أعطيتني ألف درهٍم فإنه لا يعتق إلا بدفع الألف إليه فإن أعطاه من ماله لم يعتق. وإن أعطاه من ماٍل أوصى له به أو وهب له منه عتق وعلى هذا يحمل قوله: أنت حر إن أعطيتني ألف درهم، فأما ماله الحاضر الذي في يد عبده يحمل عليه قوله هذا.
ولو قال: بعتك نفسك بألف درهٍم فقد ذكرنا فيما تقدم والإشارة ها هنا أن المزني نقل أنه يصح. وقال الربيع: فيه قوًل آخر البيع باطل. فقيل: قول واحد يجوز وهو اختيار أبي إسحاق وابن أبي هريرة.
وقيل: في المسألة قولان أحدهما: البيع صحيح وهو المذهب المنصوص في كتبه لأن المقصود من هذا البيع الحرية بعوض يثبت في الذمة فأشبه الكتابة. وقال أبو إسحاق: هذا عتق بشرط ضمان المال وسماه الشافعي بيعًا ويصح منه ضمان المال في مقابلة الحرية وهذا لأن الإنسان لا يملك نفسه فهو عبارة عن إسقاط حق الرق عنه وجرى ذلك مجرى عتقه على ماٍل فيثبت المال مع عتقه ولا يكون ثابتًا قي ذمة عبده.
والثاني: لا يصح لأن البيع لا بد من أن يكون عوضه دينًا أو عينًا والعبد لا يملك العين والدين لا يثبت في ذمته، ولهذا لو أتلف عليه شيئًا لم يجب ضمانه عليه ولو جاز هذا لكان في معنى الكتابة الحالة ولا تجوز الكتابة عند الشافعي. والأول أصح على ما ذكرنا ويفارق الكتابة الحالة لأن العتق فيها يقف على أداء المال والحلول غرر فيها بخلاف هذا فإنه يتنجز العتق فيه ويحصل المقصود ويتمكن من تحصيل المال بعده فيصح. فإذا قلنا: يصح البيع فأقر السيد أنه باعه من نفسه بألف درهم فإن صدقه العبد عتق ولزمه الألف في ذمته، وإن كذبه يحلف وبرئ من الثمن ويعتق العبد بقوله: إني بعته من نفسه [١٤٠/ب] لأن تحت قوله: إني بعته من نفسه أنه حر وأن الذي استحقه عليه هو ألف درهم فقط فقبل إقراره بالعتق ولم يقبل إقراره على غيره بالمال.
ولو قال: بعت هذا العبد من فلاٍن بألف درهم وأنكر ألفلان أن يكون اشتراه حلف