للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللفظ المسموع منه، فأنا إذا شهد بالمعنى ففي ثلاثة الآلاف ألف، ويجوز أن يكون سمع هذا الواحد ألف وألف وألف ولم يسمع الشاهد الأول إلا ألفًا واحدًا فشهد هذا بلفظ أنه أقر بثلاثة ألاف.

مسألة (١): قال: (ولو أَقر أنُه تكفَل له بماٍل، على أنُه بالخياِر).

الفصل

وهذا كما قال: قد ذكرنا أن ضمان المال بشرط الخيار لا يجوز خلافًا لأبى حنيفة رحمه الله وذكرنا أنه إذا قال: ضمنت لفلاٍن ألف درهم على أني بالخيار أو تكفلت ببدنه على الخيار هل يبعض إقراره؟ قولان:

أحدهما: يبعض فالقول قول المقر له مع يمينه على نفي الخيار وبه قال أبو حنيفة رحمه الله لأنه وصل إقراره بما يرفعه، ولا يقبل كما لو قال: له علَّي ألف إلا ألفًا.

والثاني: لا يبعض والقول قوله فإذا حلف لا شيء عليه وهو اختيار المزني وأبي إسحاق لأنه أقر بحق وعزاه إلى سبب ثبوته منه، وإن أدى إلى رفعه كما لو قال: علّي ألف من ثمن هذا المبيع ولم أقبضه. وليس هذا كما لو قال: علّي ألف إلا ألفًا لا يقبل لأنه نفى الحق من حيث أثبته فيكون راجعًا عن إقراره فلا يقبل بخلاف هذا. واحتج المزني بأن قال: إذا قال البائع: بعتك هذا الشيء على أني بالخيار وأنكره المشتري كان القول قول البائع كذلك ها هنا فاختار أن الإقرار لا يبعض وهذا لأن البائع لما قال: بعت عبدي بشرط الخيار ثلاثة أيام فقد رفع بآخر الكلام أوله لأن أول كلامه يلزمه تسليم العبد إلى المشتري وآخر كلامه [١٤٣/أ] يوجب تخييره في تسليمه وقبل قوله في هذا ولم يبعض كلامه الموصول كذلك ها هنا.

قلنا: قال ابن أبي هريرة: إن كان المزني أراد به خيار الثلاث لا يصح السؤال لأن الشافعي نص أنهما إذا اختلفا في شرط خيار الثلاث يتحالفان وقال أبو إسحاق: ذكر الشافعي في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى أن هذا مثل الاختلاف في الثمن يتحالفان ثم يفسخ البيع كما يفسخ إذا اختلفا في الثمن. وإن أراد به خيار أكثر من ثلاثة أيام فالقول قول البائع مع يمينه، والفرق بين البيع والكفالة أن البيع موضوع على جواز شرط الخيار فيه فلم يدع خيارًا يخالف أصله وموضوعه فقبل منه، وليس كذلك في عقد الضمان لأنه لا مدخل لشرط الخيار فيه، وإذا ادعى ذلك ادعى ما ينافي أصل الضمان وموضوعه فلم يقل منه.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: يحتمل أن تكون مسألة البيع على هذين القولين ويحتمل أن تسلم وإن كانت الدعوى في خيار ثلاثة أيام والفرق أن البائع بدعوى الخيار لا يرفع أصل البيع لأنه مع الخيار يكون بيعًا صحيحًا ولكنه ادعى استيفاء بعض حقه مع بقاء أصل البيع، والأصل أن الملك له فكان قوله مقبولًا. وفي مسألة الكفالة دفع بآخر


(١) انظر الأم (٣/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>