للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلامه جميع أوله لأن الإقرار يبطل إذا قبلنا قوله في الخيار ولا يلزمه شيء فافترقا، واحتج المزني أيضًا بأن قال: قد قال الشافعي: إنه إذا أقر بشيء وصفه ووصله قبل قوله ولم أجعل قوًلا واحدًا إلا حكمًا واحدًا يريد به أنه إذا قال: لفلاٍن علي ألف درهٍم مكسر يقبل. والجواب أن وصف الألف بالمكسر لا يرفع أصل الإقرار بخلاف مسألتنا.

واحتج أيضًا بأن قال: ومن قال: أكفله في الدراهم مقرًا وفي الأجل مدعيًا لزمه إذا أقر بدرهم نقد البلد لزمه، فإن وصل إقراره بأن يقول: طبري جعلته مدعيًا لأنه ادعى نقصًا من وزن الدرهم ومراده بهذا [١٤٣/ب] الكلام أن يفرض الاحتجاج في مسألة أخرى من فروع هذين القولين وهي أنه لو قال: لفلان علّي ألف درهم إلى سنة ففي المسألة طريقان أحدهما فيها قولان:

أحدهما: وبه قال أبو حنيفة: يلزمه الألف حالًا ويكون مدعيًا في الأجل فيطالب بالبينة عليه.

والثاني: وهو الصحيح: لا يلزمه حالًا ويقبل قوله في الأجل. ومن أصحابنا من قال: يقبل في الأجل قوًلا واحدًا لأن الدين يثبت حالًا ومؤجلًا والتأجيل يوجب سقوطه فنصر المزني هذا القول وقال: يلزم من قال بخلافه إذا أقر بدرهم ووصل إقراره فقال: طبري أن لا يقبل هذه الصفقة، فلما قبل قوله طبري قبل قوله إلى أجل قلنا: المذهب كما قلت في الأجل والفرق ظاهر أن دعوى الأجل لا ترفع إقراره السابق بخلاف مسألتنا. وإن قلنا: لا تقبل فالفرق بينه وبين أن يقول: طبري مع أنا ذكرنا في الطبري قوًلا آخر ضعيفًا أنه لا يقبل أيضًا هو أن التأجيل في المال إنما يثبت من جهة رب المال فكذلك تقدير ذلك الأجل، فإذا قال المقر: علّي ألف إلى سنة فقد ادعى على رب الدين أنك أجلتني إلى سنة فعليه البينة، فأّما إذا قال: علّي درهم طبري فأصل إقراره وقع بما دون الدرهم لأن الطبري ناقص عن وزن مكة، واسم الدرهم ينطلق عليه وليس في هذا الإقرار دعوى منه على رب المال حتى يطالبه بالبينة فافترقا.

ثم اعلم أن المزني أوجز عبارته في هذا الموضع إيجازًا غير مستحسن فقال: ومن قال: أجعله في الدراهم مقرًا وفي الأجل مدعيًا لزمه إذا أقر بدرهم نقد البلد لزمه معنا لزمه أن يقول: إذا أقر بدرهم لزمه نقد البلد فحذف أن يقول. وقدم وأخر فقال: نقد البلد لزمه ومراده لزمه نقد البلد. ثم احتج بمسألة أخرى فقال: ولزمه لو قال: علّي ألف إلا عشرة أن يلزمه ألفًا وله أقاويل كذا وأراد [١٤٤/أ (وله مسائل كذا. وجوابنا عنه أن في الاستثناء لم يرفع جميع إقراره بصلته بخلاف مسألتنا، ونظيره من الاستثناء أن يقول: علّي ألف إلا ألفًا، وعلى ما ذكرنا إذا قال: استقرضت منه دينارًا وقضيته يلزمه الدينار قوًلا واحدًا لأن قوله: له علّي دينار أقر بثبوت الدينار في ذمته الآن وما بعد ذلك رجوع عن الإقرار ذكره القفال رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>