الولد بنسبه وحريته، وقد تعذر إثبات النسب وأمكن إثبات الحرية بالقرعة. وهذا كما لو شهد رجل وامرأتان بالسرقة قد يثبت المال دون القطع. وقال ابن خيران رحمه الله: يصير بالقرعة ابنًا حرًا لأن الحرية تثبت له بالولادة فلم يجز أن يرتفع أصلها ويثبت حكمها. وهذا غلط لأن القرعة لا تدخل لتمييز الأنساب المشتبهة فتدخل التمييز الحرية المشتبهة بدليل أنه لو تنازع رجلان في ولٍد لا يقرع بينهما في نسبه. ثم إذا حكمنا بحرية الولد بالقرعة حكمنا بحرية واحد، لأَّنا نعلم يقينًا أن واحدًة من الأمتين أم ولده تعتق بموته فأولاهما هذه. ثم هل يوقف ميراث ابن؟ فيه وجهان:
أحدهما: يوقف وهو اختيار المزني لأنا تيقنا أن أحدهما ابنه وإن جهلنا عينه.
والثاني: لا يوقف وهو ظاهر المذهب لأن وقف الميراث إنما يكون في أمر معلوم أشكل حاله ويرجى زواله فلا يصح وقفه كما لا يوقف الميراث في الأخوين إذا غرقا ولا يدرى أيهما مات أولًا وهذا [١٥٦/ب] اختيار القاضي الطبري وجماعة رحمهم الله. فعلى هذا يكون الميراث كله. للوارث المعروف نسبه إذ كان أو لبيت المال إن لم يكن. وقال أبو حنيفة رحمه الله: إذا قال: أحد هذين ولدّي عتق من كل واحد منهما نصفه ولا يرثان شيئًا ويستسعى كل واحد منهما بعد بلوغه في نصف قيمته فيؤدي ويعتق الكل. وقال ابن أبى ليلى كما قال أبو حنيفة وزاد بأن قال: هما يرثان ميراث ابن لكل واحد منهما نصفه يستعين به عند الاستبطاء على أدائه للعتق.
مسألة (١): قال: (وسمعَته يقوُل: لو قاَل عند وفاتِه لثلاثِة أولاٍد لأمتِه: أحَد هؤلاِء ولدي).
الفصل
وهذا كما قال: هذه المسألة والتي قبلها سواء، وإنما تختلفان في الصورة فالمسألة الأولى ولدان من أمتين، والمسألة الثانية ثلاثة بنين من أمٍة واحدٍة فأقر بأحدهم ولم يكن تقَّدم منه إقرار بوطء، ولم يكن لها زوج على ما بيناه فإنه يطالب بالتعيين، فإن قال: هو الأكبر حكمنا بحريته وثبوت نسبه منه، وسألناه عن الأم كيف استولدها؟ فإن قال: استولدتها في ملكي فقد أقر بأنها علقت منه بًّحر في ملكه فتكون أم ولد له. وقلنا له: ما تقول في الآخرين؟ فإن قال: هما مني ألحقناهما به، وإن قال: ليسا مني وإنما أتت بهما من زوج أو زنًا حكم بأنهما مملوكان له ومنع من التصرف فيهما بما يزيل ملكه عنهما لأنهما ابنا أم ولده فيكون حكمهما حكم الأم ويعتقان بعتقها.
ومن أصحابنا من قال: فيه وجهان: أحدهما: هذا. والثاني: أنهما مملوكان على الرق لا يعتقان بعتق الأم بموت السيد لأنه يمكن أن يكون الابن الأكبر ابنه منها والأوسط والأصغر لم تثبت لهما حرمة الاستيلاد بأن يطأ الراهن جاريته المرهونة من دون إذن المرتهن فتأتي بولد يكون الولد حرًا ولا يمنع بيعها في حق المرتهن في أحد