الشافعي أولى؛ لأن الله تعالى وصفه بأنه أذى، والأذى هو الدم لا الفرج ولا الزمان. ولهذا قال:" حَتَّى يَطْهُرْنَ"(البقرة:٢٢٢)، وأراد يطهرن منه، وإنما يطهرن من الدم.
فإذا تقرر هذا، فاعلم أنه يتعلق بالحيض أربعة عشر حكمًا يوجب حكمين ويمنع الباقي. فالذي يوجب البلوغ به، والغسل. ويتعلق بالرفع حكمان: المنع من الاستمتاع والطلاق. ويتعلق بالعدة حكمان: يمنع الاعتداد بالشهور ويمنع الدخول في العدة الشرعية ويختص (٢٦٣ ب/ ١) ويتعلق بالمسجد ثلاثة أحكام: اللبث فيه، والاعتكاف، والطواف. ويتعلق بالصلاة ثلاثة أحكام تمنع وجوبها، وفعلها، وقراءة القرآن. ويبقى حكمان: حمل المصحف، والمنع من الصوم دون وجوبه. وقيل: خمسة عشر، وذلك أنه يمنع صحة الغسل؛ لأن الجنب إذا حاضت لا يصح غسلها عن الجنابة، وهذا يرجع إلى تعليق الغسل به؛ لأن الغسل لا يفيد شيئًا لوجوبه بالحيض. وقيل: يتعلق به اثني عشر حكمًا، ولم يحسب هذا القائل البلوغ، والغسل به، وصحة الغسل، وما ذكرناه أصح.
وقال القفال: جملته أن ما منعت الجناية منه منع الحيض منه وزيادة أربعة أشياء: وجوب الصلاة، وجواز الصوم، وإتيان الزوج، وكون الطلاق سببًا، قلت: ويمنع الاعتداد بالأشهر، والدخول في العدة الشرعية فالزيادة هي ستة لا أربعة.
فإذا تقرر هذا فاعلم أن الحيض إذا وجد ممن قد بلغت تسع سنين حكمنا ببلوغها؛ لأنه زمن تحيض له الجارية ويبلغ فيه الغلام بالاحتلام. قال الشافعي في "الأم": وأعجل من سمعت من النساء تحيض نساء تهامة يحيض لتسع، وقد رأيت جدة لها إحدى وعشرين سنة ولم يذكر الجدة تحديدًا أقل سن تكون فيه جدة. وإنما (٢٦٤ أ/ ١) أخبر عما رآه، فقد تكون جدة لها تسع عشرة سنة تحمل ولها تسع، وتضع بعد ستة أشهر ثم تحمل هذه الجارية لتسع وتضع بعد ستة أشهر، فيكون تسع عشرة سنة.
ومن أصحابنا من قال: إذا رأت الدم وقد دخلت في تسع سنين ولم تكمل التاسعة، هل نحكم بكونه حيضًا؟ فيه وجهان: أحدهما: نحكم لأنه يقال لها بنت تسع والثاني: لا نحكم وهو الأصح.
وتسع سنين هل هي حد تقريب أو حد تحقيق؟ وجهان: أحدها: أنه تحقيق يتعين الحكم بنقصان يوم. والثاني: تقريب فلا يضر نقصان يوم أو يومين، وهذا أقرب عندي.
ومن أصحابنا: قال: حد القرب هو أن لا يكون بين انقطاع الدم والتسع زمان يسع لحيض أو طهر، ولو رأت قبل الستع موصولًا بالتسع، وقلنا: إنه تحديد فإن رأت قبل التسع أقل من يوم وليلة، وبعد التسع قدر يوم وليلة، فإنا نجعل الكل حيضًا. وإن رأت